عندما كنا نتابع المعاملات الرسمية لليكي ليشس (الله يرحمه) في الدوائر الحكومية. كنت أستغرب من التحول الذي كان يطرأ على لهجة شريكي (صديقي) و هو يتكلم الى موظف الحكومة. صديقي الذي عادة يتكلم باللغة الانجليزية في بيته لأن والدته أجنبية, و يتكلم باللهجة المدنية بالعادة, يحاول التشديد على كل الحروف “القاف”, “الثاء”, و “الظاء” بطريقة مضحكة.
قبل شهر تقريبا وقع أخي و تمزقت أربطة قدمه فاضطررت أن أسرع به الى المستشفى. هنالك, و في غرفة الطواريء تغيرت لهجة أخي و هو يتحدث الى الطبيب و أصبح ينطق كلمات لم أسمعها على لسانه من قبل مثل كلمة “هسى” مثلا!
في الحقيقة, فليس من الغريب أن ترى هذا التحول اللغوي في عمان عند الأشخاص حسب الدوائر الاجتماعية التي يجدون أنفسهم بها, فنحن و بسبب هوسنا لتصنيف الناس, حملنا اللغة أبعاد عديدة. أبعاد ليست فقط ذات صبغة جندرية بل أيضا ذات وجه طبقي و عنصري أيضا بحيث أضحى كم كبير منا غير مرتاح بلهجته الأم عند التواصل مع الاخرين.
اللغة تعد أهم أدوات التواصل عند الأنسان. للأسف, نحن سخرناها لتصنيف الأشخاص و بالتالي ساهمنا بقمع أهم أدوات التعبير عن النفس. تلك الأداة التي أضحى العديد منا يبذل جهدا لتحويرها في محاولة بكسر قيود هذا التصنيف وما يحمله من أحكام مسبقة ترسخت في عقولنا. ذلك التقليم للهجاتنا الأم يقضي على قدراتنا بالتواصل و التعامل مع الاخر بشكل صحي, كما ، أنه يساهم بقتل الابداع.
المشكلة ليست فقط مشكلة القاف المخففة أو المشددة التي رسمناها كي تضيف الى التصنيف الجندري للرجل و المرأة, و لكنها أيضا نفس القاف و تصنيفها مع الكاف كي تعطي حكما عن بلد المنشأ و الأصل. تمتد المشكلة لتضم الكلمات الانجليزية التي أضحت مقياس للطبقة الاجتماعية و كذلك اللغة العربية المكسرة لمن يحمل لهجة أجنبية أم و اللهجات العربية المختلفة من مصرية و عراقية و لبنانية و شامية, و اللدغ و التأتأ و بلع الاحرف..
ليس من المطلوب منا أن نحور من لغتنا كي نبين للأخرين بأننا نشبههم و بأننا لا نحمل الاحكام المسبقة المرتبطة بلهجة معينة. فأنا رجولتي لن تنتقص بالتكلم بلهجتي المدنية و القاف المخففة, كما أن طبقتي الاجتماعية لن تتغير بتغير كم الكلمات الاجنبية التي أطعم بها كلامي, و هي كذلك لن تأكل من هويتي الأردنية و من مواطنتي و انتمائي لهذا البلد.
الاختلاف جميل, وجميل أكثر أن يرتاح كل منا بما ينطق به لسانه و لا يشعر بالخجل او الاحراج. الابداع مرتبط بالراحة في التعبير عن النفس. فلنعطي انفسنا الحرية لأهم أدوات تواصلنا الاجتماعي.
هالحكي حكيته لناس كتير حوليّ
إنه ليش بتحاول تخفي ” فلاحيتك” قدام فلان ؟ يعني إزا عرف إنه أصلك فلاحي رح يقطع صلته فيك؟
اللهجه الفلاحيه كتير قريبة من القلب
وبتنحب,, وماعليها أي كلام
وعليها,, انا ربيت إبني عمر على اللهجه الفلاحيه
ولقيت صعوبه بالغه إني أضل أحكي معاه فلاحي طول الوقت
بظن مبين ليش,, لإنها لهجة أهلي وأهل أبو عمر بس مش لهجتي
تحياتي وصباح الخير
LikeLike
تحياتي أم عمر, أكيد كل اللهجات حلوة و معبرة.. المهم الواحد ما يستحي من طريقة تعبيره.. الله يحليلك عمر.. 🙂
LikeLike