تعجبني الطريقة التي يسطر بها الراوي احداث حياتي. تعجبني الشخصيات الرئيسية, يعجبني البناء الدرامي, و يعجبني ترابط الاحداث و تسلسلها في عبقرية شديدة تمهد لتطور سلس لبطل الرواية (انا) من جميع النواحي, بحيث تضيف ابعاد حقيقية و عمق تشدني لقلب الصفحات اما لمراجعة الاحداث السابقة او استعجال الاحداث لقراءة المستقبل
يقولون ان الشخصية هي التي تملي على الراوي تفاصيل حياتها. بكوني اعتبر نفسي راويا, و بكوني كتبت عدة قصص في السابق, فانني اعي حقيقة تلك المقولة, ففعلا لم اكن انا خالق ابدا لشخصيات رواياتي, فهي كانت من تقتحم مجرى حياتي, تسيطر على افكاري, و تجبرني على مشاهدة احداث حياتها و تسطيرها في اوراقي. كنت انا وسيلتها للحياه, عقلي بيتها, واصابعي لسانها
هل تنطبق تلك المقولة على راوي حياتي ايضا؟ بقدر ما تنم تلك الفكرة عن هرطقة و كفر, بقدر ما تشدني للابحار فيها و دراسة ابعاده. فهل مسطر احداث حياتي هو السيد, الامر و الناهي للاحداث؟ ام انني – الشخصية الرئيسية في الرواية – اسيطر على افكاره و اجبره على تسجيل الاحداث التي تناسب شخصيتي؟ بالمختصر, هل يخلق الراوي شخصياته, ام انها موجودة اصلا و لكنها تتطفل على ادوات جسده للحياه؟
في الحقيقة, فانني كشخصية اجهل ما يخبئه الراوي لي. فهنالك صفحات قلبت كل التوقعات, صفحات جعلتني اقر بعجزي عن فهم نمط تفكير الراوي و غايته من خلقي. و لكنني كراوي ايضا, اجهل الاحداث التي اخبؤها لشخصيات رواياتي. فالاحداث تظهر لوحدها, بتتابع و تسلسل مدهش بحيث تقف مذهولا, متسائلا, هل ظهرت تلك الاحداث فجأة, ام انها كانت تنتظر في صف انتظار هي ايضا؟
غريبة هي الروايات, غريبة هي الاحداث, و غريب هو الراوي. غرابة مثيرة ترسم تفاصيل الحياة
هناك عرف بين الرواة بضرورة محبة شخصيات رواياتهم. اشعر بحب الراوي لي, اؤمن باحداث جميلة يخبؤها لي. اثق بقدرته العجيبة على مفاجئتي بأشياء قد لا تعجبني لكنها مع الوقت ترهن لي انها كانت اساسية لبنائي الدرامي و نمو شخصيتي
اتساءل, هل تشعر جميع الشخصيات بحب راويها؟ ام ان سخطها و غضبها يستدعي مزيدا من الاحداث القاسية لتطورها الدرامي؟
Fadi Zaghmout 
Do you have something to say?