الاحتفاء بالتنوع الجنسي نشرٌ للمعرفة لا اعتداء على هوية دينية أو قومية


بمناسبة شهر الفخر تحتفل الشركات العالمية بالتنوع الجنسي وتقوم عدد كبير منها باستبدال اللوغو الخاص بالشركة بواحد يحمل الوان الطيف كدلالة على دعمها للتنوع البشري ودعوة منها لتقبّل الآخر، أو تقوم بتطوير محتوى دعائي توعوي يحمل الرسالة ذاتها. وعلى نفس المنوال، نرى شركات تطوير المحتوى العالمية مثل نتفليكس وديزني وصناعة الأفلام في هوليوود بشكل عام تحاول رفع الوعي واظهار التنوع الطبيعي بين البشر في الشخصيّات التي تعرضها، وذلك ادراكاً منها أن ذلك يعكس صورة أقرب إلى الواقع والحقيقة من الصورة المزيّفة التي اعتدنا رؤيتها في الانتاج الثقافي في السابق.

الأمر ليس مؤامرة عالمية ولا أجندة تسيّرها جهات معيّنة للنيل من منظومة القيم العربية والإسلامية، بل هو في الحقيقة أبسط من ذلك بكثير، وفي الواقع يندرج تحت بند نشر المعرفة. وطلب المعرفة في حد ذاته قيمة إنسانية عالمية ليست حكراً على ثقافة معيّنة أو بيئة معيّنة. ولا تتعارض بأي شكل من الأشكال مع هويّة الأفراد في أمّة “إقرأ”. فالمعرفة البشرية في تطوّر مستمر، والوعي في الصفات المختلفة المكوّنة للجنسانية البشريّة والتنوّع الكبير في تلك الصفات ازداد بشكل كبير في العالم خلال السنوات الماضية.

لا يعيب الفرد أن يحكم أخلاقيّاً على أمر ما بناء على معرفة معيّنة غير مكتملة الأبعاد ولا يعيبه أن يغير حكمه الأخلاقي حين تتضح الصورة له ويتطور وعيه المعرفي، وذلك لن ينتقص من هويّته الدينية أو القومية ولا من منظومة الأخلاق التي تشكل هذه الهويّات. والأولى بنا أن نحارب اختزال الغنى الأخلاقي في هوياتنا العربية والإسلامية برفض ما نراه نتاج ثقافة أخرى.

علينا أن نعي أن الإنسان يتشكّل من مجموعة من الصفات المختلفة، آلاف من الصفات، وهذه الصفات تأتي بتنوع كبير، فلا وجود لصفة إنسانية ثنائية التجسد، لأن الشيفرة الوراثية لا تعمل بآلة رقمية لتعطينا قيمتي الصفر والواحد، بل هي أشبه بالآلة الآنالوج حيث تتم قراءة بيانات الشيفرة الوراثية وانتاج الصفات البشرية بناء على معطيات عديدة، مما يتيح تجسيدها بأنواع مختلفة لا تعد ولا تحصى. وكل صفة من هذه الصفات تحتمل ما هو مقبول في ثقافة معينة وما هو غير مرحب به، من الاختلاف في صفة لون البشرة إلى الاختلاف في طول الأفراد أو أوزانهم أو غيرها من الصفات النفسية كالانفتاح على الآخر وسرعة الغضب وطريقة التفاعل الاجتماعي وووو..

والحقيقة أن الصفات المشكلة لجنسانية الفرد تحمل نفس التنوع وهي صفات متعددة كذلك لا يمكن حصرها واختزالها في صفة واحدة. أذكر منها صفة النوع البيولوجي (الجنس) وما يحمله من تنوع نراه في حجم وأشكال الأعضاء الجنسية، وصفة النوع الاجتماعي (الجندر) وما تحمله من تنوع ثقافي وأدوار مختلفة حسب بيئة الفرد، وصفة هوية النوع الاجتماعي وما تحمله من اختلافات كبيرة بين الأفراد في شعورهم بها، صفة الميول الجنسي وطيف الميول الجنسي، وصفة التعبير عن الهوية الجنسية، وكذلك التنوع الكبير في الممارسات الجنسية والرغبات المختلفة بين الأفراد والتي تترجم بناء على تداخل معقد لكافة تلك الصفات وغيرها من الصفات غير الجنسية.

الأمر يعود إلى المعرفة، ولا خوف من المعرفة، ولا داعي للهلع من محاولة الغرب فرض انحلالهم الأخلاقي علينا. على العكس علينا بشكر هذه الشركات العالمية لمساهمتها في رفع المعرفة ودعوتها إلى الانفتاح وتقبّل الآخر واحتضان الاختلاف. وتقبّلنا لذلك لا يعني تخلينا عن هويّتنا العربية ولا هويّتنا الدينية مهما كانت هذه الهوية، بل ترسيخاً لهذه الهويّات بمبادئها الإنسانية التي ترفض النفاق وتستنكر الجهل ولا ترحب بالكراهية.

مراجعة جديد لرواية ليلى والحمل


وصلتني هذه المراجعة القيّمة لليلى والحمل من نور مدرّس يكن، من أفضل المراجعات التي وصلتني للرواية، ويسرني مشاركتها معكم.

ليلى والحمل رواية ذات دخول عنيف وخروج أعنف. يبرع فيها الكاتب (كعادته) بقلب الأدوار ويرغِم فيها القارئ بكامل إرادته على فهم وجهة نظر الطرف المقابل بغض النظر عن هويته الجندرية وصفاته الاجتماعية.

تقف رواية ليلى والحمل على ثلاث عوارض محورية حساسة مجتمعياً و تدعّم بعارض رابع يعتبر واحد من “تابووات” المجتمع ألا وهي الروح الساكنة ما بين عالم الأحياء والأموات وتمتّعها بقدرات تفوق القدرات المعتادة.

العارض الأول تجسيد شخصية المرأة المسيطرة والرجل الخاضع و حث المجتمع على تقبل الحالتين واحترامهما دون الاهتمام بجندرية المسيطر والخاضع. وقد وسّع الكاتب الأفق ليس فقط لتخيّل السيطرة والخضوع في المواقف الحميمية بل أيضاُ ليشمل أي موقف عام يحصل بين شريكين من جنسين مختلفين وتأثير تلك التوافقية على حياتهما اليومية ومخططاتهما المستقبلية. وقد أكد الكاتب بطريقة سرده للأحداث على أهمية توضيح هذه التوافقية الحميمية منها قبل العامة لضمان الاستمرارية بين الطرفين.

العارض الثاني هو مفهوم الخيانة وتعريفها بين أفراد المجتمع أي متى تعرّف على أنها خيانة ومتى تكون فعل ناتج عن ردة فعل بعد حالة يأس من تغيير الواقع تبدأ بإنهاء مرحلة والانتقال الى مرحلة أخرى. يتطرق الكاتب أيضاً الى معضلة مشهورة في موضوع الخيانة ألا وهي السبب الذي دفع للفعل والتبرير الذي يعلل فيه الشخص ما يقوم به من أفعال.

العارض الثالث الصراع الدائم بين تأنيب الضمير والفضيحة أو العار.هو صراع دائم قائم من الأزل ينتهي عادة بخسارة كبيرة لطرف على حساب الآخر. لا يمكن لأحد أن ينكر مروره أو مرور أحد من معارفه فيه. سواء كان الصراع ذو طبيعة إجتماعية أو مهنية أو حتى دراسية . من وجهة نظري خفّف الكاتب حدّة الصراع بجملة بسيطة وعميقة: ” فمن منّا لا تطوله لحظات ضعف؟ ومن منّا لا يستحق فرصة ثانية لتصحيح ما اقترفت يداه”

يمزج العارض الرابع و هي الروح الهائمة بين العوارض الثلاثة في قصة شيّقة تجعلنا نفكر هل نريد تقبّل ليلى مع حملها بكل ما حملت قصتهما من مواقف ثقيلة بحلوها ومرّها أم نفضّل الذئب بكل ما كان يحمل من نوايا خبيثة لليلى ونبرر نواياه على أساس أنها طبيعة الذئب التي جُبل عليها ونكتفي بأن ليلى والذئب هي النسخة الأصلية للقصة وهي التي تربينا عليها ولا نتقبل أي نسخة مطورة عنها.

أسلوب الكاتب أسلوب شيق وبسيط ، يركّز على ثلاث أو أربع شخصيات بالقصة مما يجّنب القارئ الضياع والإضطرار للعودة بالأحداث للوراء ليمسك ما قد فاته. الكلمات المستخدمة بسيطة وعصرية وقريبة جداَ من الكلمات المتداولة اليومية مما يجعل أي شخص مستجد في القراءة قادر على إنهاء قراءة الكتاب.
شخصياَ، أحببت كتاب ليلى والحمل لكن وجدتها ثقيلة بأحداثها وعوارضها بعض الشيئ ، ربما كوني شخص يحب الوسطية في الأمور ويتجنّب رجاحة كفّة على أخرى حتى لو كانت بقبول الطرفين. بالنسبة لي استطاع فادي تجسيد فكرة المساواة وتقبّل الطرف الآخر في كل أشكاله في كتاب “أبرة وكشتبان” بشكل أقوى وبطريقة موضوعيه في حين غاب جزء من الموضوعية في ليلى و الحمل وحل مكانه القليل من المشاعر المتضاربة

استضافتي في برنامج سوالف مهجر


سعدت بالحوار مع زياد طارق رشيد ونتاشا تاينز أمس حول كتبي في برنامج سوالف مهجر وهو بودكاست من إعداد وتقديم زياد ونتاشا يركّز على جميع القضايا الدولية ويستضيف شخصيّات مؤثرة.

تكلّمنا في الحوار عن رواياتي الأربع وعن الموضوعات التي أتطرّق إليها في أعمالي وعن الحقوق الجسدية والحريات الجنسية في العالم العربي، كما تكلّمنا عن صناعة النشر والنشر الذاتي وصعوبة النشر في العالم العربي والصعوبات التي يواجهها المؤلف مع الرقابة.

أشارك معكم المقابلة كاملة هنا، أرجو أن تنال إعجابكم:

زغموت بتخيّل النوع الإجتماعي مقسّم حسب طول الفرد في روايته الجديدة “إبرة وكشتبان”


أعلن الكاتب الأردني فادي زغموت اليوم عن صدور روايته الجديدة التي تحمل عنوان “إبرة وكشتبان” من خلال موقع جملون الإلكتروني لبيع الكتب. تعالج الرواية موضوع النوع الإجتماعي من خلال فكرة مبتكرة.

تدور أحداث الرواية في مجتمع خاص يكون فيه التقسيم الأساسي للبشر هو الطول، ويصبح فيه الجنس صفة ثانوية. لذلك تتكون الهوية الجندرية للأفراد وتفصّل الأدوار الاجتماعية بناء على طول الفرد. وكحال أي تقسيم اجتماعي، يعاني هذا العالم من ظلم وتهميش لفئات وامتيازات تعطى لفئة على حساب أخرى. في “إبرة وكشتبان”، تكون الفئة صاحبة الامتياز هي فئة قصار القامة. القصة الأساسية مبنية على علاقة حب تجمع بين الراوية الخيّاطة قصيرة القامة وطولان متوسط الطول المنبوذ من المجتمع.

في تقديم الرواية يقول الكاتب، “أعتبر نفسي ناشط اجتماعي نسوي، لدي شغف للدفع نحو عدالة اجتماعية أكبر ترسّخ من المساواة الجنسية وتكسر الأدوار الإجتماعية الضيّقة. وخلال السنوات الماضية لاحظت أن مفهوم النوع الاجتماعي أو الجندر بعيد عن العامة، فهنالك صعوبة في التفريق بين الجنس كنوع بيولوجي وبين الجندر كنوع اجتماعي. ومن قراءاتي للنظريّات النسوية جاءتني الفكرة لتخيّل هذا العالم الخاص الذي يتطوّر فيه الوعي البشري ليقسم البشر حسب طول قامتهم عوضاً عن جنسهم البيولوجي. الرواية تحمل اسقاطات كبيرة على الواقع. آمل أن تضيف إلى النقاش حول النوع الاجتماعي في الأوساط النسوية والعامة”. 

هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها زغموت بنشر روايته ذاتياً عن طريقة خدمة الطباعة حسب الطلب التي تتيحها جملون لعملائها، وفي هذا الصدد علّق قائلاً، “يسعدني التعاون مع موقع جملون في هذا العمل. هذه أول تجربة لي مع النشر الذاتي ومتحمّس لها جداً. جملون يعد أهم المواقع العربية لبيع الكتب وتأمينه لهذه الخدمة يعد ثورة حقيقية في عالم الكتب وخيار جديد متاح أمام الكتّاب العرب”. 

بالإضافة إلى سهولة النشر والطباعة والبيع من خلال موقعهم، أعلن زغموت عن طرح الرواية بخيارين مختلفين لتصميم الغلاف الخارجي، بعدما أطلق تصويت على صفحته على الانستغرام وجمع آراء مختلفة من القراء. قرر توفير الغلافين كخيارين مختلفين عند طلب الرواية في سبق خاص،  وذلك ما تتيحه بسهولة خدمة الطباعة حسب الطلب التي توفرها جملون. 

يمكن طلب الرواية من خلال موقع جملون

مشاركتي في مؤتمر نقاط للعقل المطاطي وكلمتي عن التقسيم المبني على النوع الاجتماعي


سعدت بالمشاركة في مؤتمر نقاط للعقل المطاطي الذي عقد في دولة الكويت في شهر نوفمبر الماضي حيث تعرّفت على العديد من الأشخاص الملهمين الذين تحدّثوا في مواضيع ابداعية مختلفة شيقة. يمكنكم الآن مشاهدة كافة الحوارات على قناة نقاط على اليوتيوب.

خلال مشاركتي قدّمت كلمة عن الرواية التّي أعمل عليها والتي تحاول أن تتخيّل عالماً يكون فيه تفسيم النوع الاجتماعي الأساسي مبني على الطول لا الجنس. شرحت فكرة العالم واسقاطاتها على واقعنا وكيف أنّ هذه الفكرة أتتني بعد سنوات طويلة من العمل في مجال الحريات الجنسية والحقوق الجسدية ومحاولة توضيح ما يعنيه النوع الاجتماعي (الجندر) والفرق بين الجندر كصفة اجتماعية والجنس كصفة بيولوجية. أترك لكم هنا الكلمة كاملة لمشاهدتها ويسعدني تلقي تعليقاتكم وأسئلتكم.

كذلك خلال المؤتمر شاركت في ندوة حوارية حول القيود والأعراف الاجتماعية وأثرها على حرية الفرد، يمكنكم مشاهدتها كاملة هنا:

7 years passed, still a best seller – Aroos Amman (The Bride of Amman)


Yesterday, an old time friend of mine, took a photo for “Aroos Amman” (The Bride of Amman” that shows the book in the best selling section of DNA Lifestyle Store in Al Abdali Mall.

I was happy to receive the photo and rushed to share it on all of my social media channels. The fact that “Aroos Amman” keeps on appearing in best selling lists after 7 years of its release, speaks volume. This is not the first time or place for it to be a best seller, in fact it was one of the top best selling books on Jamalon in 2012, the year it got released. It continuously appears in the best selling books section in the famous Jordanian bookstore “Reader”. It has been a best seller and a “recommended to read” at Virgin megastore for months. The audio version, made it to the most listened books list on storytel and the ebook is part of Abjjad’s all time most read books!

In Virgin Megastore Amman

The book been translated and published to English in 2015, and currently is getting translated into the French language, planned to be released next year.

Jamalon best selling list 2012

It has opened so many door to me, including securing an MA scholarship from the British Council to study in the UK in 2012. Invitation to different conferences and events in global cities from London, to Berlin, Salzburg and Pune

I have always wondered about the reason behind the success of this book. Why it ticks with so many people? It was my first to write, even before doing my MA in Creative Writing and Critical Thinking. It wasn’t perfectly crafted, and critics would point out the simplicity of its language or the shortages of the plot. Yet, it keeps generating strong reactions that surprises me till today, not just from my fellow Jordanians whom I mainly address in the book, but also from Arabs and foreigners from different countries.

For me it was a work of activism and I am more than happy to see it reach such heights. I wanted the voices of my characters to be heard, and they got heard. I wanted to give our youth hope, and for many I did. I remember a gay guy once told me that he keeps the book with him all the time, and place it next to his best when he goes to sleep as he feels protected by having it close by. That’s something I am so proud to hear. I remember a young woman once sending me a long letter stating how empowered she feels after reading the book and promising to stand up for her self and her rights. That’s also something I am so proud of. Even yesterday, after posting the photo of the book in the best selling list, I received a message from a guy who said it is his favorite book ever and that he remembers how he skipped his university classes and stayed home super excited to read it.

رواية عروس عمان بين الكتب الأكثر مبيعا في مكتبة ريدرز
Readers Bookshop

I don’t know what the magic in “Aroos Amman”. Maybe it has to do with giving a voice to a gay man that hasn’t been heard of in our society before, or hearing a Jordanian woman standing up to her body rights and sexuality, or maybe its magnifying our issues of gender and heavy social heritage, and showing how they have been affecting our lives negatively. I always say, I wrote it from my heart, and maybe that’s what made it tick. And I guess, thats what others see in it, like what a friend commented yesterday on the Instagram image, stating that it is successful because it is “honest” and “different”.

Thank you for all of the honest and different people who supported me and supported this book into such success. Hopefully we will seeing it reaching more people and maybe soon we will watch it as a movies on the big screens.. fingers crossed!

London launch for The Bride of Amman

فادي زغموت مع سهى النجار في البرنامج الإذاعي على الطريق


يمكنكم الآن مشاهدة مقابلتي الإذاعية مع المذيعة الرائعة سهى النجار في برنامج على الطريق على قناة مزاج إف إم والتي أجريتها في آذار الماضي. فرحت جداً بلقاء سهى شخصيّاً واستمتعت بالحديث معها، فهي فعلاً محاورة ممتازة وبرنامجها ممتع. تطرّقنا في اللقاء إلى أسباب منع رواية ليلى والحمل في الأردن وكذلك تحدّثنا عن رواية عروس عمان وجنة على الأرض وعملي القادم قيد الكتابة. أتمنى أن تنال اعجابكم وبانتظار تعليقاتكم وأسئلتكم.

صور من حفل إطلاق رواية ليلى والحمل


شكرا لجميع من حضر حفل إطلاق روايتي الجديدة ليلى والحمل الشهر الماضي. وشكر خاص لصديقي هاني يكن الذي عرّفني وحاورني خلال الحفل. كانت أمسية جميلة تخللها نقاش شيق بخصوص المواضيع التي تطرحها الرواية.

42282137_10161173777685529_8483088583203225600_n42313823_10161173777735529_936125028817174528_n42319362_10161173777530529_3281473074205032448_n42319689_10161173777465529_1755695472833462272_n42390245_10161173777480529_4191387592651964416_n

اقتباسات من رواية ليلى والحمَلَ


صدرت روايتي الثالثة “ليلى والحمل” عن دار كتب خان في مصر قبل شهرين تقريباً، وهنا أشارككم بعض الاقتباسات التي اخترتها من   الرواية. يمكنكم تحميل الكتاب الرقمي من موقع جوجل ريدز، أو طلب الرواية من جملون أونلاين أو من مكتبات كتب خان في القاهرة.

 لكني في تلك الليلة لم أكن ملكة بل كنت عروساً عادية، أو لنقل إن الملكة في داخلي كانت مقيدة بحبال الخجل وأربطة الثقافة الاجتماعية وكلبشات عدم الخبرة وقصور المعرفة الجنسية. لم يرشدني أحد إلى أهمية التوافق الجنسي في العلاقات الزوجية من قبل، ولم يخبرني أحد أن المرأة قد لا تستسيغ الجانب السلبي منها. وزوجي كان قد ورث ذكوريته بأمانة وتشبّع بدوره في العلاقة الزوجية قبل أن يخطوها، لذلك فقد كانيتوقع أن يتمّها كما يقتدي العرف وتقر العادات وتنطق التقاليد.

LailaQuote4

وأنا كنت امرأة مفترسة بدوري. لا أستسيغ لعبة المطاردة إلا عندما أكون أنا من يطارد. أي عندما أكون أنا من يكسر شوكة الرجل ويحوّله إلى حمل وديع خاضع لي.

LailaQuote1.png

وقد كان يزعجني تطوّر علاقتنا ليصبح الحكم الفاصل بيننا هو نوع كل منّا الاجتماعي، وكنت أكره ذلك الرابط العجيب الذي نما ليرسم علاقة عكسية بين حرياتي التي تعودت ممارستها بشكل طبيعي فيالسابق وبين تصوّر فراس انعكاسها على رجولته.

LailaQuote6

 كان كغيره من الرجال يرى في نفسه القائد المهيمن في أي علاقة تجمعه بالمرأة. وكان، مثلهم، يحاول استغلال الأدوات الاجتماعية التي أوجدها أسلافه لمصلحة بني جنسه لفرض سيطرته علي. لكنه لم يكن يدرك أنني، مثل غيري من النساء، لم أكن أصدق تلك الأكاذيب الاجتماعية.

LailaQuote3

حملني فراس بين ذراعيه على باب جناح العرسان الجدد في فندق الشيراتون على الدوار الخامس. أراد أن يبدأ حياتنا الزوجية بتلك الحركة المعتادة التي يقوم بها الرجال في المسلسلات والأفلام يوم الدخلة. وقتها كنت أرى البعد الرومانسي للحركة من كلام غير منطوق يقر إعلان الرجل استعداده الجسدي والنفسي لفعل أي شيء من أجل راحة عروسه. لكني بت أراها فيما بعد كأول خطوة يعلن بها الرجل عن سطوته الجسدية على زوجته ووصايته عليها، فهي تدخل حياتها الزوجية بتخليها عن أقدامها، تتعلق برقبة زوجها تاركة له دفة قيادة مستقبلها.

LailaQuote8.png

أعتقد أن كلينا لم يكن حاضرًا للعلاقة الزوجية ومتطلّباتها. فقد دخلها هو بالعقليّة ذاتها التي تربّى عليها وشهدها بالعلاقة بين أمه وأبيه، وأنا دخلتها بالعقلّية التي تربّيت عليها وشهدتها بالعلاقة بين أمي وأبي. ومع أنه كان من الطبيعي تقسيم المهام بين أيّ فردين يحملان مسؤولية معيّنة حسب رغبة كل منهما وقدراته، إلا ّ أن التقسيم المسبق لتلك الأدوار من منطلق اجتماعي متوارث على أساس جندري وتحميلي أعباء الأعمال المنزلية كافة فقط لأني أنثى كان يستفزّني.

LailaQuote5

 أعتقد أن تلك الفترة شهدت بدايات انتشار الفكر الوهابي في المنطقة العربية وتراجع وانحدار المجتمعات العربية نحو التطرّف الديني وتضخّم السطوة الذكورية. ومع أن تلك المجتمعات وتحديدًا المجتمع المصري كانت أكثر انفتاحًا وتحررًّا في عقدي الستينيات والسبعينيات، الفترة التي شهدت الثورة الجنسية في الغرب وحركة الحقوق المدنية التي كان لها أثر قويّ على الثقافة العربية وعاشتها نادية في بداياتها السينمائية، إلا ّ أن تلك المجتمعات التي كانت ما تزال وإلى اليوم تعاني من التبعية الثقافية للغرب ومتمسكة بتراثها الذكوري، كانت حاضرة لاحتضان الفكر المتطرّف الذي وصلها مطليّا بتشويه تاريخي لحالها الماضي، ومدعومًا بقرار سياسي طبخ في الغرب من أجل محاربة المد الشيوعي في المنطقة.

LailaQuote7.png

كنت أتمنى لو كانت هنالك نصوص لأفلام تعرض نماذج لنساء جبارات دون الحاجة إلى تبرير جبروهن بتعرضهن لظلم اجتماعي معيّن. فجبروت الذكور لا يحتاج إلى تبرير في الثقافة العربية. لماذا تحتاجه النساء؟لماذا احتاجت ”زنوبة“ ذلك التبرير في حين لم يحتجه سي السيّد” أحمد عبد الجواد“ في ثلاثية نجيب محفوظ؟

LailaQuote2.png

عن رواية ليلى والحَمَل


أردت أن أحضنه بدلا من أن أتركه يحضنني. مررت أصابعي على شعر رأسه بحنان وأنا أفكر بطبيعة علاقتنا وبعدم توافقها مع الشكل العام للعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة في الثقافة العامة. فكيف لرغباتنا أن تكون بهذا التناقض مع المقبول والمتعارف عليه اجتماعيا؟ ولماذا تشجّع الثقافة العامة كل النساء للخضوع لرجالهن بالجنس وخارج الجنس في حين يوجد العديد من الرجال الذين يثيرهم العكس؟ والغريب أن لا أحد يذكر ذلك وكأن صفة الهيمنة مرادفة للرجولة وكأن الخضوع سمة الأنوثة الأكبر.

رواية ليلى والحمل

سعيد جداً بصدور روايتي الجديدة “ليلى والحَمَل” عن دار كتب خان في القاهرة الأسبوع الماضي. فبعد حوالي سنتين من الكتابة وسنة ثالثة من البحث عن دار نشر مستعدة لنشر ومساندة لكتاب بهذا المحتوى وبعد أشهر انتظار عملية التدقيق والإخراج والانتاج، ها هو الكتاب مطبوع وجاهز للبيع في مكتبة كتب خان في المعادي وموقع جملون أونلاين وقريباً في العديد من المكتبات العربية.

في الحقيقة، فبعد نجاح روايتي الأولى “عروس عمّان” والردود القوية للمواضيع التي عالجتها وعشق عدد كبير من القراء لها، وبصفتي ناشط نسوي، مدفوع إلى الكتابة بشغف تحقيق المساواة الجندرية والحريات الجنسية والحقوق الجسدية (أمور أعتقد أن مجتمعاتنا العربية في أمس الحاسة لها) فقد كنت أفكر فيما يمكن أن أضيفه في رواية جديدة تعالج هذه المواضيع دون تكرار ما تكلّمت به في “عروس عمّان”.

fiftyفي ذلك الوقت كانت رواية إل جيمس “فيفتي شيدز أوف جري” منتشرة بشكل واسع، ليس فقط في الغرب بل في العالم العربي أيضاً. ولمن لم يقرأ الرواية (بأجزائها الثلاثة) أو يحضر الفيلمين المبنيين عليها، فهي تتطرق إلى علاقة غرامية بين شاب ناجح غني متسلط ومسيطر في الجنس وبين إمرأة شابة تقع في غرامة وتخضع لأهوائة وميوله بسبب حبّها له. لم يكن لدي اعتراض على الكتاب، أو محتواه، برغم تسطيح القضية في القصة، لكني شعرت بشيء من الاستفزاز لأن الثقافة العامة تؤمن بعمومية حق الرجل بقيادة العملية الجنسية وتعتبر دور المرأة سلبي في الجنس وتبني على ذلك حاجة المرأة للخضوع في الجنس وخارجه، وذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة وعن طبيعة كل من الرجل والمرأة واختلافات الفرد ورغباته الجنسية المتنوعة. ومن هنا جاءت بدايات فكرة الرواية التي أردت أن أبدأ العمل عليها.

N11245328A_1كذلك، في ذلك الوقت أيضاَ، كنت قد حضرت فيلم بعنوان “جون جيرل“، معالج عن رواية بالإسم ذاته للكاتبة “جيليان فلين”. يطرح الكتاب شخصية إمرأة قوية، مجنونة إلى حد ما، تدفعنا للإعتقاد أنها ضحية جريمة قتل قام بها زوجها تجاهها، إلى أن نكتشف في نهاية الرواية بأن المرأة هي من خطط كل شيء بغرض التحكم والانتقام من زوجها. أعجبتني نهاية الرواية جداً، حيث يرضى زوجها بالعودة لها بعد أن تحمل بطفله، بما يعد طرح جديد للأدب حيث يضحّي رجل مظلوم معرض للتعنيف والأذى بحريته من أجل أبنائه.

استفزّتني تلك الرواية بالتفكير في طرح شخصية إمرأة قوية قد تكون هي المؤذية في علاقتها مع الرجل، لما لا؟ فهنالك نماذج لتلك النساء على الواقع. ومع بعض التفكير، بت أعتقد أن ٣٠ عاماً من النضال النسوي تحت خطاب يقر بأن المرأة “ضحيّة” قد يكون رسّخ فعلاً شيئاً من الوعي الثقافي فينا يقر بأن المرأة ضعيفة. وأنا لا أنكر هنا الأفضلية التي تمنحها مجتمعاتنا لذكورها ولا حقيقة ظلم المرأة في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والقانونية والأدبية والثقافية وغيرها، لكني أعتقد أننا، كنسويين، علينا تجديد الخطاب للتركيز على قوة المرأة وعلى قدراتها المختلفة كإنسانة. ولربّما، في وقت تضخّمت فيه الذكورية إلى حالات راديكالية متوحشة جسدتها داعش في المجتمعات التي حكمتها، فإن الوقت بات يتطلّب والمساحة أصبحت تستعدي وجود خطاب راديكالي نسوي.

24484974قرأت كذلك رواية للكاتبة الكبيرة حنان الشيخ إصدار دار الأداب اللبنانية بعنوان “عذارى لندستان“، وقد فاجأتني حنان بجرأة شخصياتها التي تصل إلى درجة الوقاحة. كيف تتلاعب إحدى الشخصيات النسائية في روايتها بالرجل المتدين الذي تمارس الجنس معه بحيث تجعله يعتقد أن عذزيتها عادت إليها بعد كل عمليّة جنس يقومان بها عن طريق وضع حبة فراولة في فرجها، تهكّماً من الكاتبة على هوس الرجل العربي المسلم في الجنس والعذرية وحور العين. شعرت بالرواية تحمل شيئاً من التطرف استوحيت بعضاً منه في كتابة روايتي.

أما الرواية الأبرز التي عرفتني على هذا النوع من الأدب الذي يندرج تحت نوع الأدب النسوي المتطرف فهي angelaللكاتبة أنجيلا كارتر بعنوان “ذا باشن أوف نيو ايف” (شغف حواء الجديدة). حيث تطرح في الرواية مجتمعاً نسائياً، وليس نسوياً، خالصاً، تسيطر فيه النساء بهرمية ذكورية وتعاقب فيه رجل كاره للمرأة بتحويل جنسه بعد عملية جنسية إلى أنثى وتركه يتعرض لما تتعرض له النساء في العادة من اعتداءات وأذية. أحببت الرواية جداً لما فيها من فكر وابداع وطرح.

في “ليلى والحمل” أردت أن أكتب رواية نسوية متطرفة تحاكي كل ذلك ولا أعرف إن نجحت في ذلك أم لم أنجح. فليلى في الرواية إمرأة أردنية لديها رغبة في قيادة العملية الجنسية والسيطرة على رجلها، وذلك شيء طبيعي لا متطرف، لكني وجّهت الرواية نحو معاقبة الشخصيات الرئيسية من الذكور وذلك ليس عقاباً للرجال أو كرهاً لهم من ناحيتي، بل عقاباً للفكر الذكوري والكشف عن ظلمه للمرأة والرجل على حد سواء.

كانت القصة الأبرز التي علْمونا إياها في طفولتنا تحمل اسم “ليلى والذئب“، وبالرغم أن الذئب في القصة لا يمثل الرجل (أو يمثله؟ لا أعرف) لكن القصة زرعت فينا فكرة أن ليلى ضعيفة وبحاجة إلى حماية. لذلك أردت أن أتحدى ذلك وأضيف صوتاً مختلفاً يحول القصة إلى “ليلى والحمل”.

فليلى تستحق ذلك.. والرواية العربية تستحق هذه النماذج.. والثقافة العربية بأشد الحاجة إلى إعادة التوازن بين الجنسين وتقبّل التنوع الجنسي الموجود على الأرض.

37208270_10156768865397018_5690616188690759680_n.png