كتبت قبل حوالي شهر عن حماسي لقراءة رواية علاء الأسواني الأخيرة، الاشجار تمشي في الاسكندرية. شعرت بمتعة القراءة منذ الصّفحة الأولى. متعة قراءة علاء، بأسلوبه السلس في السّرد وجمله البسيطة التي تسحبك معها، وبنائه للأحداث وتقسيمه للفصول بين شخصيّات مختلفة لتجسد حالة تاريخيّة تكتمل بتباين الأصوات وتكاملها. وكان للحقبة التاريخيّة التي اختارها جاذبيّة خاصّة، فعبد النّاصر حالة بحد ذاتها، وكونه حكم في حقبة زمنيّة سبقت تاريخ ميلادي، طالما شكّل لي مزيد من الفضول لمعرفة تفاصيلها. أنا الذي ولدت في جيل ما بعد النكسة، الجيل الذي عاصر صعود الإسلام السياسي على حساب الحس القومي، وطالما نظر إلى عقد الستينات والسبعينات نظرة رومانسيّة حالمة قد لا تكون حقيقية أو كاملة.
أنهيت قراءة الرواية خلال أسبوع، واستمتعت بقراءة أحداثها والتّعرف إلى شخصيّاتها عن قرب. أعجبني متابعتها لشخصيّات مصرية ذات أصول أجنبيّة كانت أوّل ضحايا وصول عبدالناصر للسلطة. وفزعت للتغير السريع الذي طرأ على الاسكندرية والمجتمع المصري خلال تلك السنوات القليلة وتحوّل السّلطة إلى سلطة بوليسيّة فاسدة تراقب وتحاسب وتحاكم كلّ من يعترض عليها أو يقف في طريقها. ظلم كبير جسدته صفحات الرّواية سطّرت حالة مرّت فيها عدة دول عربية في ذلك الوقت. لكن مأخذي الوحيد على علاء هو مبالغته في ذكوريّة شخصيّاته وممارساتها الجنسية، وتكراره جنسانية شخصيّات طرحها في رواياته السّابقة، كطرح شخصيّة المرأة كبيرة السن التي تمارس الجنس مع رجل يصغرها عُمراَ. أو خيانة المرأة لزوجها مقارنة بخيانة الرجل وتعدد علاقاته. عادة ما يطرح القضية، الثانوية في رواياته، بطريقة مهينة للمرأة وداعمة للذكورية. لربّما رغبة منه في تجسيد الذكورية المستشرية بمجتمعاتنا وتصويرها كأحد أدوات القمع التي تصاحب القمع السياسي. إلاّ أنّ طريقة الطرح تُشعر القارىء بأنها وجهة النظر الخاصة التي يدعمها الكاتب لا التي يطرحها لنقدها ورفضها. وجدت فيها مبالغة لا لزوم لها وشعرت بالاشمئزاز الذي شعرته لدى قراءتي رواية نادي السيّارات.
إضافة إلى ذلك، شعرت بنهاية الرواية مبتورة رغم تصاعد الأحداث وتشابكها. وكأنه أرادها صورة فوتوغرافية تسجّل لحظة زمنيّة دون أن تكتمل أبعادها. وكأنّها جزء أول لرواية تنتظر اكتمالها.
الرواية جميلة وتستحق القراءة ولكنّها ليست بجودة جمهوريّة كأن أو عظمة عمارة يعقوبيان. ويبقى علاء الأسواني، كاتبي العربي المفضّل.

Do you have something to say?