مراجعة جديدة من نور مدرّس يكن
أهو جنون مسّ جنّة أم مجتمع كامل لم ترضه الأرض بما رحبت فقرّر خلق جنّة الخلود على الأرض.
رواية جدلية بامتياز تدفع القارئ للتساؤل في كل سطر وفي كل كلمة إن كان يقف مع أو ضد التطور العلمي والتكنولوجي الذي يسابق الكون نفسه للوصول الى الكمال والخلود. نجد في هذه الرواية أن البشر قد انقسموا إلى فئتين: فئة تؤمن أن الكمال لله والخلود في الجنة وفئة تأخذ بالأسباب وتؤمن أن لكل داء دواء يستطب به، فكيف للإنسان أن يقول لا لشباب دائم وصحّة وفيرة ونشاط مستمر وكيف يمكنه أن يدير ظهره أمام إغراء الثلاثينات من العمر حين نكون مزيج من الحكمة والقوة والجمال والعافية. سيكون من الطبيعي أن ترى الناس تتزاحم وتتدافع لتأخذ حبة الشباب والخلود غير عابرين بنتائج هذه الحبة وأثارها الجانبية سواء كانت مادية أو معنوية بالمقابل ترى أن الفئة المعادية لذلك التطور هي فئة مستسلمة خاضعة مقتنعة أن الموت يجب أن يكون آخر مشهد في مسلسل الحياة.
بين هاتين الفئتين هناك فئة ثالثة لا يهمّها المبدأ بقدر ما يهمها المكسب. فأي تطور طبي أو قانوني أو إجتماعي هو فرصة لتحقيق المرابح وكسب الأموال و الوصول الى مزيد من السلطة، والأفضل من هذا وذاك هو تغطية هذه الأهداف بطابع إنساني بحت وإعطاءها ملامح المساواة وتكافؤ الفرص وخلق مجالات لحياة جديدة.
في ظل كل هذا التطور لا ينسى الكاتب تسليط الضوء على المشاعر والأحاسيس الطبيعية التي تسيطر على أي انسان من حنين الى الماضي البسيط مع أشخاص محبين وصادقين، الأمر الذي يدفع أبطال القصة الى محاولات مجنونة للعودة إلى الماضي البريء أو محاولات لخلق الماضي من رحم المستقبل.
تتضارب الأحداث لنجد الرواية تأخذ منحى سردي بعد كل الجدل الذي تم خلقه في ثلثيها الأولين، فيسرد لنا الكاتب ما حدث مع كل بطل من أبطالها ليتركنا نسأل نفسنا هل يحق لنا أن نغيّر مجرى حياتنا كما نرغب؟ ما هي آثار قرار كهذا على من حولنا؟ هل سنلقي بكل مهامنا ومسؤولياتنا على الأخرين من أجل تحقيق ما نرغب به؟ والسؤال الأهم هل سيبقى العلم سيف ذو حديّن ويبقى الدين والعادات والتقاليد السيف الواقف في المرصاد؟
رواية تتميز بأسلوب شيّق وسهل وسلس تجعلنا نكمل حلمنا مهما كان للوصول الى جهتنا المنشودة.

Do you have something to say?