يبدو أن النجاح الكبير لأغنية “جمهورية قلبي” الذكورية والمهينة للمرأة دفع بمحمد اسكندر لتكرار التجربة وبشكل اكثر حقارة وبشاعة هذه المرة في أغنية “ضد العنف”. لكن على عكس الأغنية الأولى التي لم ينجحها سوى موسيقتها الجميلة التي غطت على أفكارها السامة، فان الأغنية الجديدة لا تحمل سوى موسيقى رديئة لم تفلح بحمل افكاره المسمومة.
يأتي اسم الاغنية “ضد العنف” بتناقض واضح مع محتواها ولا يمت له بصلة! فهو في الأغنية يحذر من اختفاء “الرجولة” كما يفهمها هو نتيجة لالغاء الخدمة العسكرية الاجبارية ولغياب القسوة في تربية الأطفال الذكور! هل فعلا نحن بحاجة الى مزيد من القسوة في تربية اطفالنا لخلق جيل جديد من الرجال ممن تحمل مشاكل وأمراض نفسية لا تحصى ولا تعد؟
كما أنه يدعي، وبتفكيره الضيق، أن المرأة اليوم تفتقد للرجل المسيطر في حياتها. فتفكيره الذكوري الدوني للمرأة لا يتحمل فكرة أن هنالك من النساء من يحببن أن تكون علاقاتهم ندية مع شريك حياتهم ومنهم فعلا من تحب القيادة والسيطرة في علاقاتها.
أتساءل هنا، هل فعلا كان النجاح التجاري للأغنية الاولى هو ما دفع باسكندر لتكرار التجربة؟ ام ان هنالك ابعاد اكبر للموضوع بحيث تأتي اعماله انعكاسا لمشاكل نفسية يحملها من ضعف في الثقة برجولته وحاجته الى التأكيد عليها وتضخيمها في أعماله؟ لربما عانى من تجربة قاسية في طفولته كانت ولدته هي المسيطرة داخل منزله على والد ضعيف الشخصية بحيث كون داخل نفسه ردة الفعل تلك؟!
الاغنية تحمل لغطا كبيرا وخلطا في كثير من الامور المتعلقة بالرجولة والذكورية. بناها على نظريات خاطئة عفى عليها الزمن. يحاول أن يحذر من المثلية الجنسية ويربطها بشكل خاطيء بالنعومة وكذلك بالتربية الصحية السليمة للطفل! ايُعقل أن نقول ان الرجل لا يُعرّف سوى بخشونته وقسوته وبأن التربية الصحية السليمة لا تخلق سوى رجال مثليين وتؤدي الى فناء المجتمعات؟؟! نعلم بأن هنالك جهل تام في الجنسانية في الثقافة الشعبية ولكن الامر مختلف عندما يتحول هذا الجهل الى رسالة تحذير سامة في اغنية لواحد من أشهر المغنيين العرب.
المثلية الجنسية هي صفة للانجذاب الجنسي للفرد، اما النعومة والخشونة فهي قد يكون لها علاقة بالتركيب البيولوجي الهرموني للفرد او الطريقة التي يختار فيها ان يعبر عن الجندر الحامل له. الصفتين ليس لهما ارتباطا مباشرا ببعض، فنعومة الرجل ليست انعكاسا ابدا لميوله الجنسي. كما ان الحياة الحديثة لم تعد تتطلب خشونة كالتي كانت تتطلبها الحياة في العصور الماضية. لا يجب أن يعيب الرجل اليوم نظافته وأناقته واهتمامه في مظهره وكذلك في الطريقة الحضارية التي يتعامل بها مع الاخر بشكل عام والمرأة بشكل خاص. الحالات الخاصة لمتغيري الجنس وممن يحبون اللعب على الادوار الجندرية في المجتمع لا بجب ان تخلط مع الشكل الطبيعي للرجل في العصر الحديث. والدعوة الى الهمجية والذكورية كما يفهمها اسكندر لن تقودنا الا الى مزيد من العنف والمشاكل الاجتماعية!
هذه الاغنية ليست ضد العنف، بل تحمل دعوة مبطنة له!
Do you have something to say?