بغياب التربية الجنسية في المدارس الأردنية و بوجود ثقافة عامة تجرم الجنس فقد نما جهل بالمفاهيم المتعلقة بالجنسانية بشكل عام و ظهرت العديد من المفاهيم الخاطئة. هنا, و بهذا المقال, سأحاول أن أشرح مفهوم الجنسانية العام و تركيبها دون الغوص في الأفعال الجنسية.
قبل أن نتحدث عن الجنسانية فانه من الجيد لنا أن نتذكر أمرين:
الأول: كيفية عمل الطبيعة في نسخ الجينات البشرية و الدرجات المختلفة التي تظهر بها تلك الصفات.
لنأخذ اية صفة بشرية عامة مثل لون البشرة و نسأل أنفسنا عن ألوان البشرة المختلفة التي يحملها الانسان فاننا نجد بأن صفة لون البشرة تأتي بتدرج واسع يمتد من الابيض الفاتح جدا الى الاسود الغامق حسب درجة مادة الميلاتونين بالجلد. و كما هو لون البشرة فكذلك لون العين و صفة الطول و الشعر و شكل الانف و اية صفة بشرية اخرى.
الثاني: عادة جمعنا للصفات بشكل عام تحت صفة واحدة جامعة
نحن عادة تحاول ان نطلق صفة واحدة او اسم و نحملها عديد من الصفات الاخرى عندما نحاول تصنيف و ادراك الاخرين. مثلا عندما نقول عن شخص بأنه صيني فاننا نستحضر عدة صفات في مخيلتنا لذلك الشخص قبل أن نراه. فالصيني حسب وعينا, و مع أنها صفة وطنية تعرف من يحمل الجنسية الصينية, فهي ايضا تحمل العيون الصغيرة و قصر القامة و لربما العمل الشاق ايضا. تلك الصفات العامة و ان كانت تعرف الصيني بوعينا الا انها لا تعرف كل صيني كفرد و كذلك تختلف من فرد الى اخر.
الجنسانية
عند الحديث عن الجنسانية فانه من المهم جدا التعرف على أربعة صفات انسانية مختلفة تشكل بمجموعها جنسانية فرد ما, فكما تحمل كلمة صيني عدد من الصفات, فالجنسانية مركبة من مجموعة صفات مرتبطة بالجنس, وكما تظهر الصفات الانسانية بدرجات مختلفة فان الصفات الجنسية ايضا تحمل درجات مختلفة.
١. الجنس:
الجنس يعرف عادة بالجهاز التناسلي. نحن, كبشر, استطعنا تعريف جنسين اساسيين بناء على وجود الاعضاء الجنسية الاساسية في الجنين, ذكر و انثى. لكن الطبيعة تعمل بطريقة مختلفة و تدرج أحجام الاعضاء التناسلية قد يهب بعض الاشخاص اعضاء كبيرة جدا تؤثر بشكل سلبي على جنسانياتهم و حياتهم بشكل عام و قد تهبهم اعضاء صغيرة جدا بحيث لا يعود الفرق بين الذكر و الانثى واضح, كما انها قد تهب بعض الاشخاص كلا الاعضاء فلا نعود نستطيع تصنيفهم تحت احد الجنسين الاساسيين او قد لا ينمو جهاز تناسلي و يظهر الفرد بلا جنس. فالطبيعة تعطينا ذكرا و انثى و ما بينهما بدرجات متفاوتة.
٢. الهوية الجندرية
الجنس هو مفهوم بيولوجي, و لكن الهوية الجندرية هي مفهوم اجتماعي. عندما نتكلم عن الهوية الجندرية فاننا نتكلم عن ادراك الفرد لنفسه و دوره الاجتماعي تحت دورين اساسيين عرفهما المجتمع و هما رجل و امرأة. فالرجل هو مفهوم اجتماعي يختلف من مجتمع لاخر. لنأخذ مجتمعنا على سبيل المثال, فنحن حملنا الرجل عدة صفات و حاولنا ان نحصرها به, منها أن يكون ذكر, كبير الحجم, مشعر الجسم, قوي, مسيطر, الخ. كل تلك الصفات تأتي ايضا بدرجات مختلفة و قد لا تكون حصرا على الرجل او المرأة كأفراد. لكننا, وكمجتمع, نحاول أن نحول كل من يولد ذكرا الى رجل و كل من تولد انثى الى امرأة, ومع نمو الفرد فان الترسيخ الاجتماعي لهذه المفاهيم تشكل الهوية الجندرية للفرد. لكننا كأفراد نختلف في ادراكنا و في نمونا و في حاجاتنا و اختياراتنا, ولذلك تجد بعض ممن يولدون ذكورا لا يحققون ربطا بين ذكوريتهم و الرجولة المعرفة اجتماعيا فتراهم يدركون انفسهم تحمل صفات اقرب الى الدور الاجتماعي الاخر اللا و هو المرأة. فليس كل ذكر يحمل هوية الرجل كهوية جندرية و ليست كل انثى تحمل المرأة كهويتها الجندرية. و كما تأتي الصفات المختلفة بدرجات فان الهويات الجندرية كذلك, وهنالك من يشعر بانه أكثر و اقل رجولة, وهنالك من لا يشعر بانتمائه لاي من الهويتين و كذلك من يشعر بحمله كل من الهويتين. هنالك في الفلسفة من يقول بأن كل فرد منا يحمل جانب ذكوري و اخر انثوي, في الحقيقة فهذا القول خاطئء حرفيا و لكنه صحيح مفهوما نظرا لتعقيد الهوية الجندرية و اختلاف ادراكها من فرد الى اخر.
٣. الميول الجنسية
قلنا ان الجنس هو مفهوم بيولوجي, والهوية الجندرية هي مفهوم اجتماعي, وهنا نقول ان الميول الجنسية هي مفهوم نفسي. أنا شخصيا, حديثا, اعتبر ان المفاهيم النفسية تندرج تحت المفاهيم البيولوجية و لكن هذا نقاش اخر.
الميول الجنسية تأتي في الطبيعة بدرجات كبيرة ايضا تمتد من مغايري الجنس ممن يحملون انجذاب جنسي للجنس الاخر الى ثنائيي الجنس ممن ينجذبون لكل الجنسين و الى مثليي الجنس ممن ينجذبون لنفس الجنس. كما أن هنالك من الافراد ممن لا يرتبط انجذابهم الجنسي بجنس الاخر و هنالك من لا يشعرون بانجذاب جنسي و لا يستطيعون ادراكه. الميول الجنسية تأتي بدرجات مختلفة فمدى الاختلاف من فرد لاخر كبير الى درجة جعلت بعالم بحجم سيجمند فرويد ان يدعي أن أغلب الافراد تحمل ميولا لكلا الجنسين.
٤. الفعل الجنسي
الفعل الجنسي هو ما يقوم به فردين من نفس الجنس و من جنسين مختلفين من فعل جنسي و يضم عدة اشكال يصعب حصرها هنا منها القبل و العبط و المداعبة و الايلاج.. الخ. الفعل الجنسي يرتبط احيانا في المفاهيم السابقة الاخرى, فمن ينجذب الى جنس معين عادة يفضل ان يقوم بفعل جنسي مع فرد ممن يحمل ذلك الجنس الذي ينجذب له, لكن الواقع مخنلف و هنالك ممن يمارس الجنس مع اشخاص من دون ان يبنوا ذلك على انجذاب جنسي. فمثلا هنالك من الرجال ممن يمارسون الجنس مع الرجال من دون أن يكونوا مثليي جنس, فالفعل الجنسي لا يعرف الهوية الجنسية, و هنا أقصد هوية الميول الجنسية التي تختلف عن الهوية الجندرية.
بعد الانتهاء من هذه التعريفات يجب أن ندرك بأن هذه الصفات لا تأتي في الطبيعة كمجموعة واحدة, ان وجدت واحدة وجدت الاخرى. فمثلا ان كان المولود ذكرا فان ذلك لا يعني بانه سيحمل الرجل كهويته الجندرية و ليس بالضرورة ان يكون انجذابه للاناث و كذلك فعله الجنسي قد يتفاوت. في الحقيقة فاننا ان رسمنا خطا باي شكل بين تلك الصفات الاربعة فاننا سنحصل على فرد مختلف, فالاغلبية منا لا تحمل التعريف الضيق لما هو مقبول اجتماعية و جنسانية كل فرد منا تحمل كم من الخصوصية. للأسف في مجتمع يعترف بشكل واحد فقط, فاننا نجد انفسنا كلنا نجاهد كي نحمل نفس الشكل!
ان كان لديك اي سؤال فالرجاء اضافته الى التعليقات و سأحاول الاجابة
Do you have something to say?