
أنا صراحة لا أفهم موقف نقابة الصحفيين من المادة (٢٣) من مشروع القانون المعدل لمكافحة الفساد التي تفرض غرامة قد تصل بحدها الأعلى ٦٠ ألف دينار على من يتهم أحد بالفساد دون دليل. و لا أفهم أيضا العناوين الصحفية العريضة التي تتهم الحكومة بأن الهدف من هذه المادة حماية الفاسدين.
علينا أن نعترف بأمر، فاغلب الصحف الإلكترونية الأردنية تفتقد للمصداقية، معظمها يفتقد الأمانة و المهنية الصحفية. للأسف ليس هنالك أية جهة، كانت رسمية أو غير رسمية، لتقييم مصداقية تلك الصحف. و لذلك نجد بأن التنافس بينها يتم على أساس من هي الصحيفة الأكثر إثارة عوضا عن من هي الصحيفة الأكثر مهنيا أو الأقرب للحدث أو الأفضل تغطية.
كثر الحديث عن الفساد في الآونة الأخيرة، وفعلا كان هنالك كم كبير من القضايا التي أحيلت إلى هيئة مكافحة الفساد، و فعلا، و لربما هنالك العديد من القضايا التي لم تكشف بعد، و لكن، هل يعطي ذلك الضوء الأخضر لأي من كان بأن يتهم أي من كان في وسيلة نشر مقروءة من دون أي دليل يدعم ادعائه؟
نحن نتمنى حقا صحافة حرة، نتمنى أن يتحرر الصحفي الأردني من جميع القيود التي تعيق لسانه، كانت سياسية أو إجتماعية أو حتى كانت دينية، و لكن لم تكن حرية الصحافة يوما مبنية على انعدام المصداقية. كسل الصحفي و تقاعسه عن اتمام واجبه بجمع الأدلة لدعم قصته لا يفسر بأي شكل من الأشكال على أنه قمع للحرية الصحفية.
التشهير بالآخرين أيضا لم يكن يوما من سمة الصحافة الحرة.
المطلوب من الحكومة هو شفافية أكبر بالتعامل مع الصحفيين و تسهيل وصولهم للمعلومة. أتمنى لو تساهم الحكومة بإنشاء هيئة مستقلة، كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تكون مهمتها مراقبة الصحف الأردنية و إصدار تقارير شهرية تعطي علامات و تراتيب للصحف حسب مهنيتها و مصداقيتها.
إن كانت هذه الغرامة ستحث الصحفي لتقصي حقائقه بشكل أفضل و تسهم في رفع مصداقية القصص المتداولة، فلتكن. نحن سئمنا من الأخبار الصحفية اللامهنية.
Do you have something to say?