هذا الفيلم التوجيهي للدكنور أمجد قورشه، دكتور في كلية الشريعة في الجامعة الاردنية، يبين بوضوح التفكير الذكوري السائد في المجتمع الأردني و يضخم بطريقته الكاريكاتورية النظرة الدونية للمرأة في عقول بعض الرجال ممن يدعون انهم ممثلون للدين و حاملون الراية الاخلاقية.
قد يبدو للوهلة الاولى أن الرجل لديه حجة منطقية من خلال التسلسل الذي بنا به هذا الفيلم خصوصا مع الثقة الزائدة في صوته و نبرته الاستعلائية. لكن هنالك العديد من النقاط التي أخطاء فيها. نقاط أحب أن أوضحها هنا:
١. الافتراض بأن كل فتيات الجامعة ممن يختلون مع اصدقائهم الشباب في اي مكان في الجامعة هو اختلاء غير شريف، و تضحية الفتاة بشرفها و سمعتها بتلك الخلوات! هذا اتهام مهين لمعظم فتيات الجامعات ممن لم يروا اكثر من زمالة في علاقاتهم بزملائهم في الجامعة.
كلنا ذهبنا الى الجامعة و كلنا كان لدينا صديقات من الجنس الاخر و هذا الافتراض بعيد كل البعد عن الحقيقة و فيه تشويه للعلاقة الطبيعية بين الجنسين.
في الحقيقة التشويه في العلاقات بين الجنسين بدأ يظهر اليوم و بدأ يشكل مشكلة في المجتمع الاردني بعد عقود من فصل طلاب المدارس حسب جنسهم بحيث نما جيل كامل يستصعب التعامل مع و يحمل الكثير من الافترضات الخاطئة حول طبيعة الجنس الاخر.
٢. التعريف الذكوري الضيق للشرف الذي يستغله الدكتور لفرض رأيه على فتيات الجامعة ليقرر لهم طريقة تكلمهم و لباسهم و علاقاتهم. هل تفقد الفتاة شرفها عند دخولها في علاقة عاطفية؟ متى سنعترف بكيان المرأة الكامل كأنسان مكتمل الاحاسيس و المشاعر و له كامل الحقوق الجسدية؟ الى متى سنبقى نقيد حرية المرأة بستار الشرف؟
٣. التقسيم الاخلاقي للفتيات في الرسم التوضيحي المرافق للفيديو بحيث يوجه خطابه للفتاة غير المحجبة على انها عنيدة, راكبة رأسها, او انها تكرر ارتكاب الخطأ و تصر عليه بينما تظهر الفتاة المحجبة كمثال للفتاة الطيبة قليلة الحيلة. هذا التقسيم هو تقسيم سطحي و يحمل حكم اخلاقي و ديني خاطيء على الفتيات بشكل عام. الحجاب و ان كان فرضا دينيا فهو ليس بدليل على تمسك الفتاة بباقي التعاليم الدينية من عدمها كما انه لا يعطي ابدا تقريرا واضحا عن توجه الفتاة الاخلاقي و طريقة تفكيرها و اعتقاداتها و صفاتها بشكل عام بما فيها صفات العند و الطيبة.
٤. يخلط الدكتور المحترم بين الفطرة و الطبيعة الفيسيولوجية للرجل و المرأة و بين التوجه الاجتماعي و الميراث الثقافي الذي يحملونه. الدفاع عن الشرف و الذي هو ايضا تعريف اجتماعي يأخذ صبغة العنف بين الذكور في مجتمعاتنا لأننا نربيهم على هذا المفهوم الخاطيء كما نعلمهم تسامح المجتمع لهذا النوع من العنف. تدخل الذكر بحرية الانثى في مجتمعاتنا تحت غطاء الشرف و استخدامه العنف هو بناء اجتماعي و ليس طبيعي أو فطري. الشرف شوه بمجتمعاتنا بحيث اصبح يعرف بطهارة المرأة عوضا عن الصدق و الاباء و التسامح و المحبة التي قد تكون صفات اولى لتربط بالشرف. و أنا هنا أتساءل الى متى سنحمل الفتيات شرف افراد العائلة ككل؟ متى سيحين الوقت ليعود كل فرد منا و يحمل شرفه بنفسه؟ اليس الحكم على الفرد اولى ان يكون لتصرفاته عوضا عن تصرفات اي احد اخر من افراد عائلته؟
٥. يفترض الدكتور بأن أماني الفتيات تختزل بزوج قادر على تأمينها ببيت و مكانة اجتماعية. يغفل الدكتور عن انجازات المرأة الاردنية في السنوات الماضية و طموحها المهني الذي وصل اليوم الى اعلى المناصب في الحكومة و البرلمان و الشركات الكبرى. لربما مكانة بعض الرجال الاجتماعية اليوم هي مرتبطة بانجازات زوجاتهم و تفوقهم الوظيفي.
٦. الافتراض بأن علاقات الفتاة السابقة للزواج تحرمها حق الغيرة على زوجها. هو طبعا بنى كل حبكته هنا ليحرمها من حقها على مساءلة زوجها بسبب علاقات سابقة هو افترض انها علاقات غير شريفة. و هنا أحب أن أوضح بأن العلاقات العاطفية بين الجنسين هي علاقات مقدسة و شريفة من وجهة نظري. يكفي تخويفا من الحب و تشويها لمشاعرنا الانسانية.
٧. استعمال العبارات الفجة و المستفذة و اطلاق الشتائم عيب أن يصدر من دكتور في الجامعة يدرس شريعة و يعطي الحق لنفسه للامر بالمعروف و النهي عن المنكر. اسلوبه منفر جدا و قد يؤدي الى عكس غايته و ابتعاد الناس و كرهها من الامور التي يدعو لها.
فعلا فضاءات الانترنت مفنوحة للجميع، و لذلك وجب علينا أن نعلي أصواتنا بما نراه الصواب. لكل منا الحق بالتعبير و لكنني أتمنى لو نستعمل هذا الحق بطريقة حضارية دون استهزاء او شتم للاخر. أنا شخصيا احترم جدا الداعية المصري عمرو خالد مع انني اختلف مع في التوجه الفكري والايديولوجي و لكنني اجد نفسي استمتع لحديثه لما به من خشوع و تواضع و حب. للأسف هذا ليس موجود في خطاب الدكتور أمجد.
Do you have something to say?