مراجعة جديد لرواية ليلى والحمل


وصلتني هذه المراجعة القيّمة لليلى والحمل من نور مدرّس يكن، من أفضل المراجعات التي وصلتني للرواية، ويسرني مشاركتها معكم.

ليلى والحمل رواية ذات دخول عنيف وخروج أعنف. يبرع فيها الكاتب (كعادته) بقلب الأدوار ويرغِم فيها القارئ بكامل إرادته على فهم وجهة نظر الطرف المقابل بغض النظر عن هويته الجندرية وصفاته الاجتماعية.

تقف رواية ليلى والحمل على ثلاث عوارض محورية حساسة مجتمعياً و تدعّم بعارض رابع يعتبر واحد من “تابووات” المجتمع ألا وهي الروح الساكنة ما بين عالم الأحياء والأموات وتمتّعها بقدرات تفوق القدرات المعتادة.

العارض الأول تجسيد شخصية المرأة المسيطرة والرجل الخاضع و حث المجتمع على تقبل الحالتين واحترامهما دون الاهتمام بجندرية المسيطر والخاضع. وقد وسّع الكاتب الأفق ليس فقط لتخيّل السيطرة والخضوع في المواقف الحميمية بل أيضاُ ليشمل أي موقف عام يحصل بين شريكين من جنسين مختلفين وتأثير تلك التوافقية على حياتهما اليومية ومخططاتهما المستقبلية. وقد أكد الكاتب بطريقة سرده للأحداث على أهمية توضيح هذه التوافقية الحميمية منها قبل العامة لضمان الاستمرارية بين الطرفين.

العارض الثاني هو مفهوم الخيانة وتعريفها بين أفراد المجتمع أي متى تعرّف على أنها خيانة ومتى تكون فعل ناتج عن ردة فعل بعد حالة يأس من تغيير الواقع تبدأ بإنهاء مرحلة والانتقال الى مرحلة أخرى. يتطرق الكاتب أيضاً الى معضلة مشهورة في موضوع الخيانة ألا وهي السبب الذي دفع للفعل والتبرير الذي يعلل فيه الشخص ما يقوم به من أفعال.

العارض الثالث الصراع الدائم بين تأنيب الضمير والفضيحة أو العار.هو صراع دائم قائم من الأزل ينتهي عادة بخسارة كبيرة لطرف على حساب الآخر. لا يمكن لأحد أن ينكر مروره أو مرور أحد من معارفه فيه. سواء كان الصراع ذو طبيعة إجتماعية أو مهنية أو حتى دراسية . من وجهة نظري خفّف الكاتب حدّة الصراع بجملة بسيطة وعميقة: ” فمن منّا لا تطوله لحظات ضعف؟ ومن منّا لا يستحق فرصة ثانية لتصحيح ما اقترفت يداه”

يمزج العارض الرابع و هي الروح الهائمة بين العوارض الثلاثة في قصة شيّقة تجعلنا نفكر هل نريد تقبّل ليلى مع حملها بكل ما حملت قصتهما من مواقف ثقيلة بحلوها ومرّها أم نفضّل الذئب بكل ما كان يحمل من نوايا خبيثة لليلى ونبرر نواياه على أساس أنها طبيعة الذئب التي جُبل عليها ونكتفي بأن ليلى والذئب هي النسخة الأصلية للقصة وهي التي تربينا عليها ولا نتقبل أي نسخة مطورة عنها.

أسلوب الكاتب أسلوب شيق وبسيط ، يركّز على ثلاث أو أربع شخصيات بالقصة مما يجّنب القارئ الضياع والإضطرار للعودة بالأحداث للوراء ليمسك ما قد فاته. الكلمات المستخدمة بسيطة وعصرية وقريبة جداَ من الكلمات المتداولة اليومية مما يجعل أي شخص مستجد في القراءة قادر على إنهاء قراءة الكتاب.
شخصياَ، أحببت كتاب ليلى والحمل لكن وجدتها ثقيلة بأحداثها وعوارضها بعض الشيئ ، ربما كوني شخص يحب الوسطية في الأمور ويتجنّب رجاحة كفّة على أخرى حتى لو كانت بقبول الطرفين. بالنسبة لي استطاع فادي تجسيد فكرة المساواة وتقبّل الطرف الآخر في كل أشكاله في كتاب “أبرة وكشتبان” بشكل أقوى وبطريقة موضوعيه في حين غاب جزء من الموضوعية في ليلى و الحمل وحل مكانه القليل من المشاعر المتضاربة

عن رواية ليلى والحَمَل


أردت أن أحضنه بدلا من أن أتركه يحضنني. مررت أصابعي على شعر رأسه بحنان وأنا أفكر بطبيعة علاقتنا وبعدم توافقها مع الشكل العام للعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة في الثقافة العامة. فكيف لرغباتنا أن تكون بهذا التناقض مع المقبول والمتعارف عليه اجتماعيا؟ ولماذا تشجّع الثقافة العامة كل النساء للخضوع لرجالهن بالجنس وخارج الجنس في حين يوجد العديد من الرجال الذين يثيرهم العكس؟ والغريب أن لا أحد يذكر ذلك وكأن صفة الهيمنة مرادفة للرجولة وكأن الخضوع سمة الأنوثة الأكبر.

رواية ليلى والحمل

سعيد جداً بصدور روايتي الجديدة “ليلى والحَمَل” عن دار كتب خان في القاهرة الأسبوع الماضي. فبعد حوالي سنتين من الكتابة وسنة ثالثة من البحث عن دار نشر مستعدة لنشر ومساندة لكتاب بهذا المحتوى وبعد أشهر انتظار عملية التدقيق والإخراج والانتاج، ها هو الكتاب مطبوع وجاهز للبيع في مكتبة كتب خان في المعادي وموقع جملون أونلاين وقريباً في العديد من المكتبات العربية.

في الحقيقة، فبعد نجاح روايتي الأولى “عروس عمّان” والردود القوية للمواضيع التي عالجتها وعشق عدد كبير من القراء لها، وبصفتي ناشط نسوي، مدفوع إلى الكتابة بشغف تحقيق المساواة الجندرية والحريات الجنسية والحقوق الجسدية (أمور أعتقد أن مجتمعاتنا العربية في أمس الحاسة لها) فقد كنت أفكر فيما يمكن أن أضيفه في رواية جديدة تعالج هذه المواضيع دون تكرار ما تكلّمت به في “عروس عمّان”.

fiftyفي ذلك الوقت كانت رواية إل جيمس “فيفتي شيدز أوف جري” منتشرة بشكل واسع، ليس فقط في الغرب بل في العالم العربي أيضاً. ولمن لم يقرأ الرواية (بأجزائها الثلاثة) أو يحضر الفيلمين المبنيين عليها، فهي تتطرق إلى علاقة غرامية بين شاب ناجح غني متسلط ومسيطر في الجنس وبين إمرأة شابة تقع في غرامة وتخضع لأهوائة وميوله بسبب حبّها له. لم يكن لدي اعتراض على الكتاب، أو محتواه، برغم تسطيح القضية في القصة، لكني شعرت بشيء من الاستفزاز لأن الثقافة العامة تؤمن بعمومية حق الرجل بقيادة العملية الجنسية وتعتبر دور المرأة سلبي في الجنس وتبني على ذلك حاجة المرأة للخضوع في الجنس وخارجه، وذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة وعن طبيعة كل من الرجل والمرأة واختلافات الفرد ورغباته الجنسية المتنوعة. ومن هنا جاءت بدايات فكرة الرواية التي أردت أن أبدأ العمل عليها.

N11245328A_1كذلك، في ذلك الوقت أيضاَ، كنت قد حضرت فيلم بعنوان “جون جيرل“، معالج عن رواية بالإسم ذاته للكاتبة “جيليان فلين”. يطرح الكتاب شخصية إمرأة قوية، مجنونة إلى حد ما، تدفعنا للإعتقاد أنها ضحية جريمة قتل قام بها زوجها تجاهها، إلى أن نكتشف في نهاية الرواية بأن المرأة هي من خطط كل شيء بغرض التحكم والانتقام من زوجها. أعجبتني نهاية الرواية جداً، حيث يرضى زوجها بالعودة لها بعد أن تحمل بطفله، بما يعد طرح جديد للأدب حيث يضحّي رجل مظلوم معرض للتعنيف والأذى بحريته من أجل أبنائه.

استفزّتني تلك الرواية بالتفكير في طرح شخصية إمرأة قوية قد تكون هي المؤذية في علاقتها مع الرجل، لما لا؟ فهنالك نماذج لتلك النساء على الواقع. ومع بعض التفكير، بت أعتقد أن ٣٠ عاماً من النضال النسوي تحت خطاب يقر بأن المرأة “ضحيّة” قد يكون رسّخ فعلاً شيئاً من الوعي الثقافي فينا يقر بأن المرأة ضعيفة. وأنا لا أنكر هنا الأفضلية التي تمنحها مجتمعاتنا لذكورها ولا حقيقة ظلم المرأة في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والقانونية والأدبية والثقافية وغيرها، لكني أعتقد أننا، كنسويين، علينا تجديد الخطاب للتركيز على قوة المرأة وعلى قدراتها المختلفة كإنسانة. ولربّما، في وقت تضخّمت فيه الذكورية إلى حالات راديكالية متوحشة جسدتها داعش في المجتمعات التي حكمتها، فإن الوقت بات يتطلّب والمساحة أصبحت تستعدي وجود خطاب راديكالي نسوي.

24484974قرأت كذلك رواية للكاتبة الكبيرة حنان الشيخ إصدار دار الأداب اللبنانية بعنوان “عذارى لندستان“، وقد فاجأتني حنان بجرأة شخصياتها التي تصل إلى درجة الوقاحة. كيف تتلاعب إحدى الشخصيات النسائية في روايتها بالرجل المتدين الذي تمارس الجنس معه بحيث تجعله يعتقد أن عذزيتها عادت إليها بعد كل عمليّة جنس يقومان بها عن طريق وضع حبة فراولة في فرجها، تهكّماً من الكاتبة على هوس الرجل العربي المسلم في الجنس والعذرية وحور العين. شعرت بالرواية تحمل شيئاً من التطرف استوحيت بعضاً منه في كتابة روايتي.

أما الرواية الأبرز التي عرفتني على هذا النوع من الأدب الذي يندرج تحت نوع الأدب النسوي المتطرف فهي angelaللكاتبة أنجيلا كارتر بعنوان “ذا باشن أوف نيو ايف” (شغف حواء الجديدة). حيث تطرح في الرواية مجتمعاً نسائياً، وليس نسوياً، خالصاً، تسيطر فيه النساء بهرمية ذكورية وتعاقب فيه رجل كاره للمرأة بتحويل جنسه بعد عملية جنسية إلى أنثى وتركه يتعرض لما تتعرض له النساء في العادة من اعتداءات وأذية. أحببت الرواية جداً لما فيها من فكر وابداع وطرح.

في “ليلى والحمل” أردت أن أكتب رواية نسوية متطرفة تحاكي كل ذلك ولا أعرف إن نجحت في ذلك أم لم أنجح. فليلى في الرواية إمرأة أردنية لديها رغبة في قيادة العملية الجنسية والسيطرة على رجلها، وذلك شيء طبيعي لا متطرف، لكني وجّهت الرواية نحو معاقبة الشخصيات الرئيسية من الذكور وذلك ليس عقاباً للرجال أو كرهاً لهم من ناحيتي، بل عقاباً للفكر الذكوري والكشف عن ظلمه للمرأة والرجل على حد سواء.

كانت القصة الأبرز التي علْمونا إياها في طفولتنا تحمل اسم “ليلى والذئب“، وبالرغم أن الذئب في القصة لا يمثل الرجل (أو يمثله؟ لا أعرف) لكن القصة زرعت فينا فكرة أن ليلى ضعيفة وبحاجة إلى حماية. لذلك أردت أن أتحدى ذلك وأضيف صوتاً مختلفاً يحول القصة إلى “ليلى والحمل”.

فليلى تستحق ذلك.. والرواية العربية تستحق هذه النماذج.. والثقافة العربية بأشد الحاجة إلى إعادة التوازن بين الجنسين وتقبّل التنوع الجنسي الموجود على الأرض.

37208270_10156768865397018_5690616188690759680_n.png

قانون الحياء العام لا يصلح لمحاربة التحرش الجنسي


جاء ذلك الفيديو الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي كي يكون بداية لدعوة مكافحة التحرش الجنسي في الاردن، وتبعا لذلك أكد وزير العدل الدكتور بسام التلهوني أن اللجنة القانونية التي تعمل حاليا على مراجعة قانون العقوبات ستشدد العقوبة على الأفعال التي تصدر عن فئة الأشخاص التي تخرج عن عادات وأخلاق مجتمعنا الأردني المحافظ. المصدر

تأتي تصريحات وزير العدل الدكتور بسام التلهوني كرد فعل على انتشار فيديو التحرش الجنسي الجماعي في إربد والغضب الشعبي المرافق له. وفقا للوزير، فإن الحل المطروح يكمن في تشديد العقوبات على الأفعال التي تخرج عن عادات وأخلاق مجتمعنا الأردني المحافظ، وهو يتابع في التصريح الصحفي الذي أدلى به ليقول بأن قانون العقوبات يقر بأن أفعال التحرش الجنسي تحاسب تحت باب الفعل المنافي للحياء، وهو هنا يقصد القانون المطاطي للحياء العام.

لقد تعودنا القوانين المطاطية عند المشرع الأردني وكذلك تعودنا الحلول السهلة الخاطئة التي تعالج المشكلة في واحدة أكبر منها وذلك لأن المشاكل الاجتماعية التي تظهر نتيجة العقلية الذكورية السائدة تعالج في العادة بنفس العقلية الذكورية! فمثلا ارتأى المشرع الأردني اسقاط عقوبة الاغتصاب عن المغتصب إن تزوج ضحيته كي يتجنب التوجه الاجتماعي بقتل الضحية. على نفس المنوال تتجنب الحكومة الأردنية تعميم تجربة المدارس المختلطة العامة كي لا يحرم الأهالي بناتهم من التعليم. وهنا الأمر لا يختلف ابدا، فتغليظ عقوبة الحياء العام، وإن كان الغرض منها معاقبة المتحرش جنسيا، إلا أنها فضفاضة وقد تستعمل لمعاقبة الضحية من النساء اللواتي خالفن الحياء العام من وجهة نظر القاضي وخرجن عن “عادات وأخلاق مجتمعنا الأردني المحافظ” بلباسهن الذي قد يعتبر غير محتشم.

قانون الحياء العام سيف ذو حدين، فهو قد يكون فعال في محاربة بعض الأفعال الاجتماعية الضارة ولكنه مطاطي وضيق بضيق الحياء الخاص للقاضي مستلم القضية أو ضيق الحياء الخاص للشرطي مطبق القانون. المطلوب قانون خاص للتحرش الجنسي يكون واضح وصريح، يوضح بالتفصيل ما هو التحرش الجنس وما هي أنواعه وما هي عقوبة حالاته المختلفة.

أتمنى من المشرع الأردني أن يكون أكثر شفافية ودقة في القوانين المطروحة كي لا يمعن في ظلم الضحية ولا يعتدي على الحريات الفردية. قانون الحياء العام يقيد حرية الأفراد في المجمتع حسب المنظومة الأخلاقية لمطبق القانون بسبب مطاطيته. يجب علينا الغائه اليوم والتعويض عنه بقوانين مختلفة تعالج المشاكل المختلفة كل على حدى.

لا مجال للكسل في التشريع، ولا مجال لظلم الضحية ولا للحلول الخاطئة بعد اليوم..

أحمد الشقيري يسقط في خواطر 10


خواطر

خواطر

بعد مواسم عديدة ناجحة من الدعوة الدينية في حلتها الابداعية الجديدة التي ظهر بها أحمد الشقيري في برنامج خواطر، نراه يسقط في الموسم الجديد بعد أن استبدل معادلة نجاحه من الخطاب الايجابي الجاذب للدين إلى آخر، طالما اعتدناه، سلبي يغيب الحقائق العلمية ويعتمد على نصوص دينية مفسرة بإطار ذكوري يرجح كفة الترهيب على الترغيب. حلقات الموسم الجديد تفتتح في بعبارة “هذا الموسم يكمل ما قبله لا ينقصه”، وكأن معدي البرنامج على وعي بأن ما سيتم طرحه في الموسم الحالي فيه ما قد يأكل من نجاحات المواسم السابقة. بعد مشاهدتي لحلقتي البرنامج ال١٣، ال١٤ استطيع أن أقول أن الموسم الجديد لم ينقص ما قبله فقط بل دمّره ودمر معه احترامي لأحمد وللبرنامج.

هنالك اصرار في الخطاب الديني الاسلامي المعاصر على استعداء الحريات الجنسية والجسدية. ذلك الاستعداء نما في العقود القليلة الماضية ليشكل عماد المقاومة للمد الثقافي الغربي الحديث وهيمنته على كافة قيمنا وأفكارنا وطريقة عيشنا. وكأننا بإصرارنا إنكار جنسانيتنا وحرياتنا في التعبير عن هوياتنا الجنسية نتمسك بما تبقى من إرثنا الحضاري. مع أن إرثنا الحضاري، للمطلع منا، يحمل كما كبيرا من الانفتاح الجنسي كان مستهجنا للمستشرقين الأوروبيين من العصور الوسطى. الإرث الثقافي العربي اليوم هو أقرب إلى الفكر الذكوري للعصر الفكتوري منه للتاريخ الإسلامي في العصور الإسلامية المختلفة.

في بداية الحلقة ١٣، يأخذنا أحمد الشقيري في رحلة تاريخية داخل المتحف البريطاني للأزياء النسائية ليثبت كيف تغيرت الملابس النسائية من تلك التي تغطي الجسد بشكل أكبر في القرن الثامن عشر، سماها هو برداء العفة، إلى تلك الكاشفة لجسد المرأة خلال القرن العشرين وبالأخص بعد الثورة الجنسية في الغرب. ما أراد اظهاره أحمد من هذه الرحلة هو إظهار التدرج في الانحلال الأخلاقي الغربي، ولكنه بالواقع أثبت تحجر الفكر العربي الحديث بأفكار اوروبا العصور الوسطى. لا نحتاج اليوم إلى اخراج تلك الأثواب النسائية من متاحف العصور الوسطى بقدر ما نحتاج إلى وضع الفكر العربي المماهي لها داخل تلك المتاحف إلى جانبها. ذلك هو المكان الأفضل لتلك الحلقة من خواطر. ذلك الهوس بعفة المرأة الجنسية دمر العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة وخلق مجتمعات عربية مريضة. من الأولى بنا إعادة ربط العفة، كما هو الشرف، بالأمانة والصدق والنبل عوضا عن تكبيل الجسد بها.

ينتقل أحمد الشقيري في الحلقة من الحديث عن الملابس النسائية إلى تسليط الضوء على “الشذوذ الجنسي” بوصلة غريبة مع حديث عابر إلى أحد الشيوخ يدعي أن اشباع الغرب الجنسي مع تحرر المرأة أدى إلى ظهور ممارسات جنسية شاذة. وهو هنا لا يحاجج الشيخ في منطقه البسيط البعيد كل البعد عن فهم جنسانية الانسان بل يسقط بفخ عدم المهنية وينتقل إلى سان فرانسيسكو لمهاجمة المثلية الجنسية. وهنالك ينقلنا أحمد إلى ذلك العالم بسطحية وهو يتهكم على أشكال الناس في الشارع وكأن ذلك هو من شيم الإسلام الذي يمثله! كان الأولى به أن يطرح  مفاهيم الميول الجنسية والهوية الجندرية ويسأل تلك المرأة في جسد رجل، الذي فريق وضع الإعداد شارة سهم على رأسها وبعبارة “رجل” بسخرية، عن معاناتها وسبب رفضها للهوية الجندرية التي يريد أن يلبسها بها مجتمعها.

وكما انتقل أحمد بمنطق ضعيف ليفسر انتشار الممارسات الجنسية الغريبة، انتقل أيضا ليسلط الضوء على ما أراد اظهاره بالعقاب الإلهي للشعوب التي تنتشر الفاحشة بين أبنائها. وهنا يختزل كافة الحلول الاجتماعية للمشكلة التي يراها في الارهاب الديني، فهو تارة يدعي أن سان فرانسيسكو، عاصمة الشواذ في رأيه، فيها أكبر نسبة انتحار في العالم، وذلك ربما يعود لوجود الجسر جولدن جيت أكثر من وجود المثليين. وقد حاول برهان نقطته بفشل حين قال أن نسبة المنتحرين من الشواذ جنسيا عن الجسر تعد ٥٠٪ من دون التفكير ولو لحظة أن ذلك يعني بأن المنتحرين ال٥٠٪ الباقية هم مغايرو الجنس! وتارة يأخذنا إلى بومباي ويحاول الربط بين البركان الذي قضى على المدينة وبين انتشار الانحلال الجنسي بها في وقت كان الأولى به التركيز على سدوم وعمورة اللتا ذكرتا بالقرآن الكريم عوضا عن ادعاء مقاربة غير موجوده لربما بسبب عدم وجود اثبات مادي على ما حصل في تلك المدن المذكورة في القرآن. وتارة أخرى يركز على انتشار الأمراض الجنسية وازديادها مع التحرر الجنسي، وهو أمر مفروغ منه ومعروف، وحله يكمن بالمزيد من الوعي الجنسي باستخدام ادوات الجنس الآمن عوضا عن استخدام اسلوب الترهيب والتخويف الذي لا يصلح سوى لشعب لم يزل في طفولته الفكرية.

للأسف خسارة خواطر كبيرة بعد الحلقتين الاخيرتين. أظهرتا لنا أن البرنامج بدأ يميل إلى حالة تجارية أكثر من حالة فكرية ورغبة في اصلاح المجتمع. كنت أتمنى لو كان أحمد درس الموضوع بعمق أكبر قبل التطرق له. من الخطر مهاجمة أفراد مهمشين من المجتمع بتلك السطحية في وقت مازالوا يتعرضون إلى كافة أنواع الاضطهاد والتنمر والرفض الاجتماعي. قد يكون الانتحار موجود بشكل أكبر بين مثليين الجنس وذلك يعود إلى رفضهم الاجتماعي لا إلى ميولهم الجنسي. حلقة خواطر قد تدفع المزيد من الشباب المراهق، الرافض لجنسانيته، والجاهل لماهيتها، إلى اللجوء إلى الانتحار كوسيلة للهروب. وتلك هي الفاحشة الأكبر التي يحمل وزرها أحمد الشقيري شخصيا وفريق إعداد برنامج خواطر.

كشكش- لمى زخريا تحارب التحرش الجنسي بالغناء


صوت لمى زخريا من أحلى الأصوات الأردنية، والأحلى من هيك أنها توظفه لنقد ومحاربة آفة اجتماعية مثل التحرش الجنسي. جريئة لمى وقوية ومبدعة.

مرات بكون الفن أفضل وسيلة للتغيير الاجتماعي، الحمدالله لسة في عندنا مواهب ولسة في عندنا ناس بتآمن بالتغيير..

الفيزون، احد ضحايا الربيع العربي


يبدو ان التحول الديمقراطي للربيع العربي يترجم بحرفية حكم الأغلبية دون اية دعائم طورتها الشعوب الاخرى على مدار مئات من السنين للوصول الى ديمقراطية فعالة تجمع بين حكم الاغلبية وبين حقوق الاقليات والحقوق الفردية والحريات الاجتماعية. مع صعود التيارات الاسلامية في الدول العربية، ازدادت المخاوف على الحريات الاجتماعية في هذه الدول نظرا للخطاب الديني المميز لهذه التيارات التي تعطي ثقلا لرأي المجموعة حساب حاجات الفرد واختياراته من منظور ديني معين.

في الأردن بدأنا مؤخرا بمشاهدة نشاط الحراك الاسلامي بعدة أشكال تحمل رايات أخلاقية مبنية أساسا على الجنس والجندر وتؤسس لبدايات تحديد وتقنين للحريات الفردية. من الحملة المدعومة من قناة الحياة ف. م. الدينية للطلب من الحكومة حجب المواقع الاباحية في الاردن، الى حملة الدعوة الى الحجاب لطالبات كلية الشريعة في الجامعة الاردنية “انت ملكة”، الى خبر اليوم بمنع ارتداء الفيزون في الجامعة الهاشمية.
Continue reading →

دكتور الشريعة، أمجد قورشه، يستعمل اليوتيوب ليدعو للمعروف و ينهي عن المنكر بطريقة فجة


هذا الفيلم التوجيهي للدكنور أمجد قورشه، دكتور في كلية الشريعة في الجامعة الاردنية،  يبين بوضوح التفكير الذكوري السائد في المجتمع الأردني و يضخم بطريقته الكاريكاتورية النظرة الدونية للمرأة في عقول بعض الرجال ممن يدعون انهم ممثلون للدين و حاملون الراية الاخلاقية.

قد يبدو للوهلة الاولى أن الرجل لديه حجة منطقية من خلال التسلسل الذي بنا به هذا الفيلم خصوصا مع الثقة الزائدة في صوته و نبرته الاستعلائية. لكن هنالك العديد من النقاط التي أخطاء فيها. نقاط أحب أن أوضحها هنا:

Continue reading →

رواية عروس عمان


مجنونة هي قصصنا - حياة من عروس عمان

لقد استغليت غيابي عن التدوين في السنتين الماضيتن في كتابة أول أعمالي الروائية،. وقد كنت سعيد الحظ إذ لم أواجه صعوبة في تأمين دار نشر جيدة لطباعة و نشر الرواية. عند انتهائي من الكتابة أرسلتها لثلاث دور نشر، واحدة أردنية هي دار فضاءات و اثنتان من لبنان. لم يمض أكثر من أسبوع على ارسالها لأحصل على الرد من دار فضاءات، و هنا أشكر الأستاذ جهاد أبو حشيش على نشاطه و اهتمامه. أما دور النشر اللبنانية فإلى الآن و بعد حوالي ثلاثة أشهر لم أسمع منهم رد، و أنا لم أتابع معهم لتأميني دار نشر.

الرواية في مراحل النشر النهائية الآن. انتهينا من التدقيق اللغوي، و تقريبا انهينا التنسيق. كنت قد تعاملت مع فنان أردني شاب للغلاف، لكن دار النشر تفضل أن ترى تصميم آخر من المصمم الذي يتعاملون معه قد أن نقرر على الغلاف. التصميم في مراحله النهائية أيضا.

الرواية هي محصلة القصص، المدونات، و القصص القصيرة التي كنت أنشرها على هذه المدونة. هل تذكرون هيا؟ الشخصية الوهمية التي كنت أستعملها في الكتابة من وجهة نظر إمرأة؟ كنت قد وعد قرأ المدونة بأن أبقي هيا على قيد الحياة و بأنها ستظهر بأشكال أخرى في كتاباتي. و فعلا هيا تظهر في الرواية بأربع شخصيات نسائية، كل منها تحمل هم مختلف.

أنا اعتبر رواية عروس عمان رواية نسوية، تسلط الضوء على تهميش النظام الإجتماعي الأبوي لمجموعة من الأشخاص وجدوا أنفسهم خارج أسوار المجتمع التقليدية. أظهر معاناة هذه الشخصيات و محاولاتهم للتكيف مع النظام الاجتماعي حولهم بطريقة سردية تعطي كل شخصية منهم مساحة لسرد حكايتها.

الرابط بين الشخوص هي الحياة الجامعية في الجامعة الأردنية التي جمعت ليلى و حياة و رنا معا. ليلى المرأة المتفوقة التي تحاول دائما التفوق في حياتها كمحاولة منها للرد على التمييز الجنسي الواقع على حياتها. ينغص عليها الضغط المجتمعي على المرأة للزواج في سن مبكرة، ترى ذلك بشكل واضح من خلال حياة شقيقتها الأكبر سلمى التي تتم أعوامها الثلاثين و تتعذب من النظرة المجتمعية لها كإمرأة يدمغونها بلقب عانس. ليلى تسرع بالزواج من رجل مثلي، هو رابع شخصيات الرواية، و الذي يعاني من ضغط اجتماعي للزواج تماما كليلى و سلمى. يحاول تغطية ميوله الجنسية بالزواج من ليلى.

أما رنا، فهي إمرأة مسيحية وجدت نفسها تقع في حب رجل مسلم في مجتمع يحرم العلاقات بين أبناء الأديان المختلفة. و حياة تعاني، و منذ طفولتها، من الإعتداءات الجنسية المتكررة لوالدها. اثنتيهما تسردان علينا قصتيهما و طريقة تعاملهما مع المجتمع من حوليهما.

أتوقع صدور الرواية خلال شهر من الآن..