زغموت بتخيّل النوع الإجتماعي مقسّم حسب طول الفرد في روايته الجديدة “إبرة وكشتبان”


أعلن الكاتب الأردني فادي زغموت اليوم عن صدور روايته الجديدة التي تحمل عنوان “إبرة وكشتبان” من خلال موقع جملون الإلكتروني لبيع الكتب. تعالج الرواية موضوع النوع الإجتماعي من خلال فكرة مبتكرة.

تدور أحداث الرواية في مجتمع خاص يكون فيه التقسيم الأساسي للبشر هو الطول، ويصبح فيه الجنس صفة ثانوية. لذلك تتكون الهوية الجندرية للأفراد وتفصّل الأدوار الاجتماعية بناء على طول الفرد. وكحال أي تقسيم اجتماعي، يعاني هذا العالم من ظلم وتهميش لفئات وامتيازات تعطى لفئة على حساب أخرى. في “إبرة وكشتبان”، تكون الفئة صاحبة الامتياز هي فئة قصار القامة. القصة الأساسية مبنية على علاقة حب تجمع بين الراوية الخيّاطة قصيرة القامة وطولان متوسط الطول المنبوذ من المجتمع.

في تقديم الرواية يقول الكاتب، “أعتبر نفسي ناشط اجتماعي نسوي، لدي شغف للدفع نحو عدالة اجتماعية أكبر ترسّخ من المساواة الجنسية وتكسر الأدوار الإجتماعية الضيّقة. وخلال السنوات الماضية لاحظت أن مفهوم النوع الاجتماعي أو الجندر بعيد عن العامة، فهنالك صعوبة في التفريق بين الجنس كنوع بيولوجي وبين الجندر كنوع اجتماعي. ومن قراءاتي للنظريّات النسوية جاءتني الفكرة لتخيّل هذا العالم الخاص الذي يتطوّر فيه الوعي البشري ليقسم البشر حسب طول قامتهم عوضاً عن جنسهم البيولوجي. الرواية تحمل اسقاطات كبيرة على الواقع. آمل أن تضيف إلى النقاش حول النوع الاجتماعي في الأوساط النسوية والعامة”. 

هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها زغموت بنشر روايته ذاتياً عن طريقة خدمة الطباعة حسب الطلب التي تتيحها جملون لعملائها، وفي هذا الصدد علّق قائلاً، “يسعدني التعاون مع موقع جملون في هذا العمل. هذه أول تجربة لي مع النشر الذاتي ومتحمّس لها جداً. جملون يعد أهم المواقع العربية لبيع الكتب وتأمينه لهذه الخدمة يعد ثورة حقيقية في عالم الكتب وخيار جديد متاح أمام الكتّاب العرب”. 

بالإضافة إلى سهولة النشر والطباعة والبيع من خلال موقعهم، أعلن زغموت عن طرح الرواية بخيارين مختلفين لتصميم الغلاف الخارجي، بعدما أطلق تصويت على صفحته على الانستغرام وجمع آراء مختلفة من القراء. قرر توفير الغلافين كخيارين مختلفين عند طلب الرواية في سبق خاص،  وذلك ما تتيحه بسهولة خدمة الطباعة حسب الطلب التي توفرها جملون. 

يمكن طلب الرواية من خلال موقع جملون

تقبّل الآخر ضرورة عصرية


.هذا المقال مشاركة من المحامي الصديق محمد مازن الناصر

عندما تمر كلمة “تقبل” على مسامعنا للوهلة الأولى نتفاجئ بأن الجميع يبادر بالادعاء انه يتقبل الغير، وعند الغوص في ذاك المفهوم تبدأ الصراعات المعلنة وعلى افضل حال يكون صراع داخلي، يتباهى العديد بتقبل المماثل. مفهوم التقبل أوسع من فقط تقبل الأديان أو المعتقد أو عرق؛ فان وجدنا شخص متقبل لدين مختلف ولا يتقبل اختلاف العادات فهذا ليس من قبيل التقبل

التقبل وأشكاله

إن التقبل لا يحتوي على مثال واحد فقط، بينما التقبل وعدم الوصمة والتمييز بالاضافة الى عدم الحكم ضد الاخرين هو أساس رقي أي مجتمع، مع تسليط الضوء في هذا الصدد على أن روح التقبل تكمن بمن لا يؤذي الاخرين وبمن لا يمس بكرامة أي شخص فلا نستطيع أن نعتبر من يملك معتقدات اجرامية يشوبها قتل الاخر أو سرقة الاخر بأن ذلك حرية معتقد أو توجه فكري، أما ما دون ذلك فأي معتقد أو تصرف تحت ظل القانون محمى بموجب جميع النصوص الدستورية والقانونية. فكيف لهذا الشخص الذي يحكم ضد المختلف أن ينصب نفسه الحاكم والجلاد ؟ إن عدم التقبل يؤدي إلى ازدياد نسبة الجريمة وذلك في قمة الخطورة على مجتمعاتنا.

كم سمعنا عن تلك “المطلقة” والتي وصِمت فقط بسبب عدم اتفاقها مع الشريك بمؤسسة الزواج، كم سمعنا عن وصمة العار ضد تلك “المحجبة” أو تلك “الغير محجبة” أو ذلك “المتعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسب” أو التمييز ضد “أصحاب البشرة السمراء”، أو أي توجه مختلف، كم سنجد أراء مضادة ولربما أن يهدر دم ذاك المختلف. حيث أن عدم التقبل يزيد من الجرائم.

التقبل والجريمة

عدم التقبل و الوصمة والتمييز ضد المختلف، يوقع المجتمع بزيادة نسبة الجريمة، وكم سمعنا بكل ألم عن تفجير رموز دينية أو قتل أشخاص بسبب اختلاف المعتقد، كم سمعنا عن الجرائم تحت داعي الشرف وازهقت أرواح بكل أنانية بسبب عدم التقبل، كم سمعنا عن دعوة للتحرش بإناث بسبب لباسهن وكم أن ذلك محزن أن نجده في وطن يسعى للانتاج ويسعى للتطور. وكل ذلك يحد من جمال مواد الدستور الأردني.

التقبل في الدستور الأردني

عندما نبحر بين نصوص الدستور الأردني سنستـمتع بمواد تعطي حرية للمواطنين بشكل لطيف جدا، فبداية أن جميع الأردنيون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين؛ كما نصت الفقرة الأولى من المادة السادسة من الدستور الأردني، رغم العديد من المطالبات لتوسعة دائرة الاختلافات حتى لا نقع في زاوية التفسير الخاطئ.

أما المادة (7) فقد نصت بوضوح بأن الحرية الشخصية مصونة وأن كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.

مرورا بالمادة (8\1) تنص بوضوح بأنه لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقييد حريته إلا وفق أحكام القانون.

وكم أنني معجب بتلك المادة (14) التي تنص على أن الدولة تحمي حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للاداب ولا زلت أتمنى أن نلغي تلك الجملة المطاطية (النظام العام أو الاداب العامة) ومن قال بأن الأداب متشاركة أو متشابهة مع الجميع و كم أن هذه الجملة واسعة التطبيق حيث أنه من المنطقي جدا بأن نجد أخوين كل منهما لديه اداب وأنظمة مختلفة، فما أجمل لو قام المشرع بتفسير هذه الجملة.

أما المادة (15) فكان لها رفع القبعة احتراما:

    1. تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون.
    1. تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي والرياضي بما لا يخالف أحكام القانون أو النظام العام والآداب.
    1. تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون.
  1. لا يجوز تعطيل الصحف ووسائل الإعلام ولا إلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون.

ما أجمل هذه الشعارات، ما أجمل أن تطبق في الواقع وما أجمل أن نجد مجتمع مليئ بالحريات حرية المعتقد وحرية التعبير وحرية الرأي كما أنه بوضوح ربط المشرع الحرية في البحث العلمي مما يؤثر مباشرة على النتاج للدولة.

التقبل والانتاج

عدم التقبل هو خطر مؤثر بشكل مباشر على انتاج الدولة فكيف لنا أن نزيد نسبة الانتاج لأشخاص يهدرون الوقت لاثبات انهم على حق وأي شخص مخالفهم الرأي بأنه جاهل أو أن رأيه مغلوط دون الاستناد إلى أي رأي علمي فقط لمجرد الاختلاف، وهؤلاء لديهم القدرة على إضاعة أيام وشهور فقط لغايات اثبات أنه أفضل من أي شخص دون أن يقوم بأي انتاج.

إن أساس الإنتاج هو أخذ المواد الخام وتحويلها الى مواد تصلح للاستهاك لغايات تحقيق المنفعة والفائدة للمنتج، وذلك يتطلب مجهود وتخصيص وقت وتركيز حتى نصل الى مجتمع منتج. أما في ظل عدم التقبل، يكون من الواضح أن الأولويات تكون لغايات الحكم ضد المختلف وازهاق الوقت بالوصمة والتمييز وذلك بتدخل غير منطقي في خصوصيات و\أو معتقدات الأشخاص مما يعتبر لا أخلاقي.

وفي النهاية فان التقبل هو مطلق طالما أن روحه هو عدم ايذاء الاخرين ولا يوجد استثناءات طالما بأن روح التقبل موجودة، لا للوصمة ولا للتمييز، لا لعدم التقبل ولا للحكم ضد الاخرين ودائما نسعى لايجاد مجتمع منتج خال من الوصم والتمييز فالوصمة تقتل الأمل، ولا بد أن نرى الأمل ينيير طريقنا نحو الانتاج.

المـحـامـي

مـحـمـد مـازن الـنـاصــر

انوثتي الظاهرة حق لي


انوثتي الظاهرة حق لي

كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن لباس المرأة في الجامعات الاردنية بعد تغيير واضح بالشارع الاردني خلال السنوات القليلة الماضية باتجاه اكثر محافظة ادى الى تغيير النظرة الاجتماعية لما هو مقبول وغير مقبول من مظهر المرأة في المجتمع الأردني.

ذلك التغيير حصل بسرعة كبيرة تركت العديد من النساء ممن لم تصلهم رسائل الدعوات بالحشمة او لم يتقبلوها لتعارضها مع اعتقاداتهم الخاصة في حالة الدفاع عن النفس اليوم خصوصا مع تحول الخطاب المدعوم بقوة الانتشار من دعوات ناعمة للمرأة بالحشمة الى هجوم مباشر، اتهامات صريحة، وحكم اخلاقي.

اليوم نجد ان خطاب حشمة المرأة تطور من دعوات دينية تحمل الكثير من الاحترام الى خطاب ذكوري مهين ينتقص من حرية المرأة بالاختيار ويتهمها بشرفها.

انتشرت في الاونة الاخيرة ثقافة تحمل المرأة مسؤولية اثارة الرجل جنسيا بشكل يحمل شيئا من الحقيقة والكثير من المنطق الاعوج والافتراء. فالحقيقة ان جسد المرأة يجذب الرجل جنسيا تماما كما يجذب جسد الرجل المرأة جنسيا. تلك حقيقة طبيعية. لكن غير الطبيعي والخاطيء هو الاعتقاد بأن اخفاء جسد المرأة سيؤدي الى زوال الرغبة الجنسية في نفس الرجل، تماما كما ان اخفاء جسد الرجل لن يؤدي الى زوال الرغبة الجنسية في نفس المراة.

Continue reading →

الى متى الرهاب الجنسي؟


في طفولتي كان أكثر ما يحيرني من التعاليم الدينية في المدرسة هو ما يسمى بخطيئة “الزنا”. في بداية سماعي لهذه الكلمة لم اكن أعي معناها، ولكن حيرتي ازدادت مع نمو معرفتي بماهية هذه الخطيئة وسبب وجودها. كان هنالك سبب منطقي لباقي الخطايا في نظري، فالكل كان مبني على مبدأين أساسين ركز عليهم معلم الدين وقتها وهما محبة الرب الاله من كل قلبك و عقلك، ومحبة قريبك كنفسك. لذلك فان الخطايا الأخرى كالسرقة والقتل وحتى اشتهاء امرأة القريب كان لها مبرر من وجهة نظري لأنها تحمل اعتداء على قريبك، وهو الاخر من وجهة النظر المسيحية كما علمت وقتها. أما الزنا فلم يكن يحمل اعتداء على أي حد، بل هو علاقة جنسية بين رجل وامرأة بالغين لا تحمل الضرر لأي فرد اخر. حاولت حصر مفهوم الزنا والتحريم وقتها بمن هم اصلا في علاقات، كالمتزوج الخائن لامرأته، وعشت مع ذلك المنطق لسنوات الى ان نما وعي اكثر بطبيعة العلاقات الانسانية وتعقيداتها وتلويناتها.

رفضي لشيطنة العلاقات الجنسية في طفولتي قابله ذهول من القيود الاجتماعية التي بدأت تفرض نفسها على علاقاتي مع الجنس الاخر مع نموي. لم اكن ادرك سبب ابتعاد رفيقة الطفولة وامتناعها عن النزول الى ساحة العمارة التي كانت تجمعنا طيلة سنوات جميلة قضيناها في اللعب والمرح. لم اكن لادرك تلك الحواجز التي بدأت تقيد علاقتي بالجنس الاخر. تلك الحواجز بدا انها كانت تُزرع في كل مما حولي لتشكل أشخاص بالغين تحدد ملامحهم قيود اجتماعية موروثة بنت على خطيئة الزنا جبال من الاحمال الاخلاقية.

Continue reading →

جنسانية 101


بغياب التربية الجنسية في المدارس الأردنية و بوجود ثقافة عامة تجرم الجنس فقد نما جهل بالمفاهيم المتعلقة بالجنسانية بشكل عام و ظهرت العديد من المفاهيم الخاطئة. هنا, و بهذا المقال, سأحاول أن أشرح مفهوم الجنسانية العام و تركيبها دون الغوص في الأفعال الجنسية.

قبل أن نتحدث عن الجنسانية فانه من الجيد لنا أن نتذكر أمرين:

الأول: كيفية عمل الطبيعة في نسخ الجينات البشرية و الدرجات المختلفة التي تظهر بها تلك الصفات.

لنأخذ اية صفة بشرية عامة مثل لون البشرة و نسأل أنفسنا عن ألوان البشرة المختلفة التي يحملها الانسان فاننا نجد بأن صفة لون البشرة تأتي بتدرج واسع يمتد من الابيض الفاتح جدا الى الاسود الغامق حسب درجة مادة الميلاتونين بالجلد. و كما هو لون البشرة فكذلك لون العين و صفة الطول و الشعر و شكل الانف و اية صفة بشرية اخرى.

الثاني: عادة جمعنا للصفات بشكل عام تحت صفة واحدة جامعة

نحن عادة تحاول ان نطلق صفة واحدة او اسم و نحملها عديد من الصفات الاخرى عندما نحاول تصنيف و ادراك الاخرين. مثلا عندما نقول عن شخص بأنه صيني فاننا نستحضر عدة صفات في مخيلتنا لذلك الشخص قبل أن نراه. فالصيني حسب وعينا, و مع أنها صفة وطنية تعرف من يحمل الجنسية الصينية, فهي ايضا تحمل العيون الصغيرة و قصر القامة و لربما العمل الشاق ايضا. تلك الصفات العامة و ان كانت تعرف الصيني بوعينا الا انها لا تعرف كل صيني كفرد و كذلك تختلف من فرد الى اخر.

Continue reading →

لا للخطاب الأخلاقي.. لا لتقييد الحريات على الانترنت


مواقع اباحية.. جرائم اباحية؟؟!!

يخيفني الخطاب الأخلاقي لما له من صدى في عقول و قلوب الشعب الأردني. لذلك شعرت بالقلق عندما قرأت عن حملة حجب المواقع الاباحية من صفحات الانترنت في الأردن. ليس دفاعا عن تلك المواقع و المعضلة الأخلاقية حولها و لكن سهولة تقبل الناس لهذه الطروحات و انتشارها بشكل سريع مغلفة بغطاء من الاخلاق و الدين يجعلني و بشكل لا شعوري أخاف على باقي الحريات الشخصية التي ننعم بها حاليا.

يبدو أن الحملة مبنية أساسا على الرهاب الجنسي الذي حملته ثقافتنا العربية متأثرة من الغرب في القرن الماضي. الخطاب الدعائي للحملة ينكر حقيقة وجود الرغبات الجنسية و يحمل المواقع الاباحية تلك مسؤولية الجرائم الجنسية في المجتمع و كأن المجتمعات التي حجبت المواقع الالكترونية عن مواطنيها قضت على الجرائم الجنسية بها! و كأننا لم نكن نعاني من جرائم جنسية قبل اانتشار الانترنت و حتى قبل انتشار أجهزة الفيديو.

في الحقيقة فان حجب شيئا لم يكن يوما حلا لمشكلة. قبل انتشار الانترنت و الهواتف الخلوية كان الشباب في المدرسة يهربون الافلام الجنسية بالخفية كي يشاهدونها مع أصدقائهم, حتى أن بعضهم كان يمتهن تلك الخدمة و يبيع تلك الأفلام المحظورة.

المشكلة ليست في المواقع الاباحية بل بالثقافة السائدة التي شيطنت الرغيات الجنسية و بنت هالة حولها بحيث شوهت العلاقة الصحية بين الجنسين. الأفلام الاباحية لا تحول المرأة في نظر الشباب الى مادة للمتعة بقدر حرمانهم من التعاطي الصحي مع تلك المرأة في مختلف نواحي الحياة الأخرى.

Continue reading →

حقي ان اعيش و ان اختار و ان اكون ولكن


دوار, غثيان و تعب, تنتابني هذه الاعراض احيان و احيان اخرى لا اشعر بشيء, في البداية اعتقدت انه مرض, ربما اكلت شيئا سيئا او اصبت بضربة برد. تغاضيت عن الاعراض في البداية, و لكنها امتدت لايام, و من ثم اسابيع, تحمل معها شعور اخر, شيء غريب يحصل لي, اشعر بتغييرات في جسدي, كأنني زدت بعض الوزن و كأن منطقة حوضي توسعت و كأن هناك انتفاخ في بطني
حامل؟ مرت الفكرة كطلقة في عقلي! سريعة و مؤثره, كومض البرق. اصابتني في صميم قلبي, و نزفت. اغلقت الجرح على الرصاصة و مسحت الفكرة, فضلت الانكار و اكمال حياتي كما هي. الخوف كان رهيبا, و لم اكن مستعدة لمواجهته. و لكن الايام و الواقع لم يسمحوا لي بالهروب, كلما حاولت كبت الصوت في رأسي “انتي حامل” و انكار ما يحصل, كلما تصاعدت اصوات اخرى تطالبني بمواجهة الواقع و تقبل الحقيقة
اصبح لدي شخصيتان تتصارعان بداخلي, واحدة تصرخ في الحقيقة – لا احبها – و الاخرى – رفيقتي – تفضل الانكار. انتصرت الاولى, و حتمت علي المواجهة. “انا حامل”, تسارعت نبضات قلبي, كنت اموت و احيا من الخوف. “انا حامل” ماذا يعني هذا؟ ماذا افعل و كيف اتصرف؟ هل اعترف لاحد؟ من؟ احدى صديقاتي؟ مستحيل! سأخسرها. امي؟ يا ويلاه! ستقع من طولها. اخي؟ هل جننت؟
اصابعي تخونني و تتحرك فوق بطني, اشعر بحياة تنمو بداخلي, طفل بريء يواجه حكما صعبا حتى قبل ان يرى نور الحياة. هرمونات جسدي تخونني ايضا, و لاول مرة في حياتي, المح شعور الام, حب غامر يسيطر على خلايا جسدي و عقلي, و رغبة قوية بالدفاع عنه و حمايته, فأنا و طفلي واحد, هو انا و انا هو. ولكن انا و هو اعداء, هو حكم علي بالاعدام و انا حكمت عليه بنفس الحكم
راجعت الخيارات امامي – مرارا و تكرارا, القاسم المشترك هو الموت – موته هو -, فهو قد يعدم و حيدا, او قد يعدم معي, او قد يعدم معي و مع اخي و امي و ابي! سرحت في مخيلتي, ماذا لو؟ ماذا لو اتخذت الخيار الاصعب و قررت المواجهة؟ ماذا لو لم انفذ حكم الاعدام انا؟ من سينفذه؟ ابي؟ اخي؟ ام عمي؟ هل استطيع حمايتهم من هذه المواجهة و تدبير امري لوحدي؟
اغلقت باب غرفتي و انوارها, اريد ظلمة, اريد وحدة, و اريد موت. اغرقت عيني بالدمع, و تخيلت طفلي محاربا, يصارع بشجاعه للدفاع عن حقه في الحياة, يصارعني, و يصارع اخي و ابي, و يصارع الناس و المجتمع و العالم. كرهت نفسي و كرهت الناس و كرهت المجتمع و العادات و التقاليد و الدين و الاعراف. اين العدل؟ هل يحكم علي بالموت لقراري صون حياة؟ هل اموت و شريكي بالجريمة حر طليق, دون حكم و لاخوف فقط لانه رجل و انا امرأة؟
اراجع نفسي, و اتساءل, ما هي جريمتي؟ فأنا لم ابني على رغباتي الجنسية الا بعد ان اتخذت قرارا بأن جسدي ملك لي و ليس لاحد, قررت ان اعطيه حقه الطبيعي و امارس حقوقي كأمرأة, كأنسانة حرة تملك ابسط شيء يمكن ان يملكه اي انسان و هو جسده. قررت ان لا اشارك جسدي مع احد, حتى و لو كان ذلك سري الخاص. فأنا لن استطيع تغيير العالم او احتاج لتغييره طالما صنت سري, و انا امرأة متعلمة و مثقفه, اعرف خياراتي و نتائجها, و اتحلى بنوع من الذكاء. اعرف كيف احطات و كيف احمي نفسي. اعطي جسدي حقه بسرية , تعلمت استعمال وسائل الحماية. اعرف انه يوجد هنالك دائما احتمال للخطأء, حتى لو كان صغيرا جدا, و لكني قررت المغامرة, و ها انا ذا, امام احد اصعب القرارات في حياتي. هل املك القوة للصراخ امام العالم و الدفاع عن حقي في ان اعيش و ان اختار و ان اكون في العلن؟ ام املك القوة لقتل طفلي و صون حرية جسدي في السر؟ اميل نحو خيار الصراخ, و لكن خوفي يكبلني و يوجهني نحو الخيار الثاني
مع حبي,
هيا
ى