مهزلة تامر أمين: حين تمتهن دعوات الحفاظ على الأخلاق كرامة الإنسان #القبض_على_المثليين


تامر أمين يثير الشارع المصري بعرض فيديو قصير لمجموعة من الشباب في حفل يدعي أنه حفل زفاف لرجلين تم في مصر ويدعو المصريين إلى هبة للوقوف ضد ما سماه المجاهرة في الفجور لحماية الأخلاق المصرية. تنتفض المباحث العامة المصرية، والتي يبدو أنها مازالت تعمل بنفس آلية وعقلية نظام مبارك، وتقبض على سبعة من الشباب حضروا الحفل وتحولهم إلى الطبيب الشرعي للكشف عنهم والتأكد من أنهم “مثليين”! يكشف الطب الشرعي على المتهمين ويخرج بتقرير يقر بأنه لم يظهر على أي منهم ممارسة اللواط.

مجموعة من الأخبار المجنونة التي تلخص تفاهة الفكر المجتمعي السائد وجهله لمبادىء الفكر السليم، عدم معرفته بماهية الجنسانية، وغياب الاحترام لحقوق وحريات الانسان الفردية. الإدعاء بأن حفل لمجموعة من الشباب أنه حفل زفاف، مثير للضحك، فالقضاء المصري لا يعترف بزواج المثليين وكذلك المؤسسة الدينية في مصر. لذلك فإن الحفل لا يمكن أن يكون  حفل زفاف حتى لو ادعى القائمين عليه أنه كذلك، فهو يفتقد للمقومات الأساسية التي تعرف حفل الزفاف. تبادل خاتمي الذهب أو الألماس والرقص على أنغام الموسيقى لا يحول الحفل إلى زفاف، والتزام فردين في علاقة طويلة الأمد لا تعترف بشرعيتها إن لم يكن هنالك اعتراف رسمي من الدولة أو من مؤسسة دينية بها في مصر.

يشبه هذا المشهد الإعلامي المصري نفس المشهد الإعلامي الأردني في الأونة الأخيرة حين أبدع في اطلاق تسميات مختلفة على حفلات خاصة يقوم بها الشباب الأردني. فالحفلات التنكرية ذات التيم المختلفة أصبحت مهرجانات كبيرة تتعارض مع عادات وأخلاق المجتمع في نظر الصحفي صاحب الأخلاق الرفيعة والداعية الديني المتشبق للشهرة.

المحزن في القصة المصرية هو هبة المباحث العامة للقبض على هؤلاء الشباب وتحويلهم للطب الشرعي في مشهد مؤلم يغيب فيه احترام الانسان وجسده وخصوصيته. فالفحص الشرجي للتأكد من عدم ممارسة الشاب للجنس الشرجي هو امتهان للكرامة الإنسانية وكذلك مخالف للدستور المصري الذي لا يوجد به مادة تجرم هذا الفعل الجنسي. كذلك فإن الربط المباشر للميول الجنسي بالايلاج الشرجي يدل على جهل في فهم جنسانية الإنسان. فممارسة الرجل للجنس الشرجي كان مع رجل آخر أو إمرأة، حتى لو كان هو المستقبل في الفعل الجنسي مع امرأة تستخدم أداة جنسية، لا يعني أنه مثلي الجنس. وكذلك كشف الطب الشرعي عدم ظهور علامات لممارستهم الجنس الشرجي لا يعني أنهم ليسوا مثليين. وهنا تكمن المعضلة في التهمة الموجهة إليهم، حيث لا يمكن اتهامهم بأنهم مثليين لأن القانون المصري لا يجرم الميول الجنسي، ولا يمكن اتهامهم بممارسة اللواط لأن القانون كذلك لا يجرم الفعل الجنسي. القانون يجرم خدش الحياء العام، وهو نفس القانون المطاطي المطبق في الأردن والخاضع لمعايير الحياء الخاص لضابط المباحث العامة. هذا القانون جاهز لتجريم كل من لا يمتثل للصورة النمطية لما يراه المجتمع الذكوري مناسبا لشكل وحركة كل من الرجل والمرأة في المجتمع.

الحرية والعدالة الاجتماعية التي طالبت بها الثورة المصرية لا يمكن التقدم بها من دون نمو الوعي الشعبي ليعترف بأن الحرية تعني حرية الجميع والعدالة الاجتماعية تعني مساواة في حقوق كافة أفراد المجتمع بالتعبير عن أنفسهم سواء كان ذلك في اللفظ أو الكتابة أو الجسد. لربما تكون الثورة أخطأت في توجهها السياسي، فحاجتنا اليوم أقوى إلى ثورة إجتماعية تزيح الفرعون القابع في عقولنا وتعيد تشكلينا تحت مبادىء حقوق الإنسان العالمية.