في طفولتي كان أكثر ما يحيرني من التعاليم الدينية في المدرسة هو ما يسمى بخطيئة “الزنا”. في بداية سماعي لهذه الكلمة لم اكن أعي معناها، ولكن حيرتي ازدادت مع نمو معرفتي بماهية هذه الخطيئة وسبب وجودها. كان هنالك سبب منطقي لباقي الخطايا في نظري، فالكل كان مبني على مبدأين أساسين ركز عليهم معلم الدين وقتها وهما محبة الرب الاله من كل قلبك و عقلك، ومحبة قريبك كنفسك. لذلك فان الخطايا الأخرى كالسرقة والقتل وحتى اشتهاء امرأة القريب كان لها مبرر من وجهة نظري لأنها تحمل اعتداء على قريبك، وهو الاخر من وجهة النظر المسيحية كما علمت وقتها. أما الزنا فلم يكن يحمل اعتداء على أي حد، بل هو علاقة جنسية بين رجل وامرأة بالغين لا تحمل الضرر لأي فرد اخر. حاولت حصر مفهوم الزنا والتحريم وقتها بمن هم اصلا في علاقات، كالمتزوج الخائن لامرأته، وعشت مع ذلك المنطق لسنوات الى ان نما وعي اكثر بطبيعة العلاقات الانسانية وتعقيداتها وتلويناتها.
رفضي لشيطنة العلاقات الجنسية في طفولتي قابله ذهول من القيود الاجتماعية التي بدأت تفرض نفسها على علاقاتي مع الجنس الاخر مع نموي. لم اكن ادرك سبب ابتعاد رفيقة الطفولة وامتناعها عن النزول الى ساحة العمارة التي كانت تجمعنا طيلة سنوات جميلة قضيناها في اللعب والمرح. لم اكن لادرك تلك الحواجز التي بدأت تقيد علاقتي بالجنس الاخر. تلك الحواجز بدا انها كانت تُزرع في كل مما حولي لتشكل أشخاص بالغين تحدد ملامحهم قيود اجتماعية موروثة بنت على خطيئة الزنا جبال من الاحمال الاخلاقية.