كم تكلمت عن خوفي على الحقوق الاجتماعية والحريات الفردية في السنوات الماضية. وكم تضاعف هذاالخوف مع قدوم الربيع العربي وتعاظم نفوذ الحركات الأسلامية السياسية في الدول العربية. وكم أرعبتني الحراكات الشعبية المطالبة بمزيد من القيود الاجتماعية خلال العام الفائت. لكن كل ذلك التلاطم في مواجهة الزخات الرعدية للربيع العربي أسكنه بصيص أمل من نفحات صيفية حملتها الأيام القليلة الماضية صفحات الفيسبوك. ذلك الموقع الالكتروني الذي أضحى أفضل مراَة اجتماعية اليوم.
قد يشعر المرء بالاشمئزاز وضعف الحيلة لردة الفعل المخيفة والتعليقات المحزنة على صفحات الفيسبوك والمواقع الالكترونية لأول سلسلة نسوية تطرق الشارع الأردني. تلك السلسلة التي جاءت نتيجة تعاون لأربعة حملات نسوية تحارب جرائم الشرف، قانون تشجيع الاغتصاب المخزي ٣٠٨، التحرش الجنسي، وحق المرأة في توريث جنسيتتها، حملت لافتات صادمة للعديد من أفراد هذا المجتمع الذي تعودنا نعته بالمحافظ. ردات الفعل، وان كانت قبيحة، الا أنها لا يجب أن تصدم احدا. كان علينا أن نتوقع مثل تلك الردود من مجتمع تأصلت فيه الذكورية وتعود على لون واحد وشكل واحد من أشكال التفكير. في ميمعة مواجهتنا لموجة ردود الفعل نسينا أهمية الحدث الذي تم. نسينا الاحتفال بهذه المجموعات النسوية الجريئة التي تحمل في طياتها أشعة شمس ساطعة تبشر بصيف عربي حقيقي. لأول مرة في تاريخنا الحديث، لم تعد الدولة تحمل عصا الفكر المحافظ، لأول مرة أصبح لدينا مساحة في الشارع للتعبير عن أفكار مختلفة حتى ولو كان الجدار الفكري المحافظ متعشش في عقول الاغلبية.