جاء ذلك الفيديو الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي كي يكون بداية لدعوة مكافحة التحرش الجنسي في الاردن، وتبعا لذلك أكد وزير العدل الدكتور بسام التلهوني أن اللجنة القانونية التي تعمل حاليا على مراجعة قانون العقوبات ستشدد العقوبة على الأفعال التي تصدر عن فئة الأشخاص التي تخرج عن عادات وأخلاق مجتمعنا الأردني المحافظ. المصدر
تأتي تصريحات وزير العدل الدكتور بسام التلهوني كرد فعل على انتشار فيديو التحرش الجنسي الجماعي في إربد والغضب الشعبي المرافق له. وفقا للوزير، فإن الحل المطروح يكمن في تشديد العقوبات على الأفعال التي تخرج عن عادات وأخلاق مجتمعنا الأردني المحافظ، وهو يتابع في التصريح الصحفي الذي أدلى به ليقول بأن قانون العقوبات يقر بأن أفعال التحرش الجنسي تحاسب تحت باب الفعل المنافي للحياء، وهو هنا يقصد القانون المطاطي للحياء العام.
لقد تعودنا القوانين المطاطية عند المشرع الأردني وكذلك تعودنا الحلول السهلة الخاطئة التي تعالج المشكلة في واحدة أكبر منها وذلك لأن المشاكل الاجتماعية التي تظهر نتيجة العقلية الذكورية السائدة تعالج في العادة بنفس العقلية الذكورية! فمثلا ارتأى المشرع الأردني اسقاط عقوبة الاغتصاب عن المغتصب إن تزوج ضحيته كي يتجنب التوجه الاجتماعي بقتل الضحية. على نفس المنوال تتجنب الحكومة الأردنية تعميم تجربة المدارس المختلطة العامة كي لا يحرم الأهالي بناتهم من التعليم. وهنا الأمر لا يختلف ابدا، فتغليظ عقوبة الحياء العام، وإن كان الغرض منها معاقبة المتحرش جنسيا، إلا أنها فضفاضة وقد تستعمل لمعاقبة الضحية من النساء اللواتي خالفن الحياء العام من وجهة نظر القاضي وخرجن عن “عادات وأخلاق مجتمعنا الأردني المحافظ” بلباسهن الذي قد يعتبر غير محتشم.
قانون الحياء العام سيف ذو حدين، فهو قد يكون فعال في محاربة بعض الأفعال الاجتماعية الضارة ولكنه مطاطي وضيق بضيق الحياء الخاص للقاضي مستلم القضية أو ضيق الحياء الخاص للشرطي مطبق القانون. المطلوب قانون خاص للتحرش الجنسي يكون واضح وصريح، يوضح بالتفصيل ما هو التحرش الجنس وما هي أنواعه وما هي عقوبة حالاته المختلفة.
أتمنى من المشرع الأردني أن يكون أكثر شفافية ودقة في القوانين المطروحة كي لا يمعن في ظلم الضحية ولا يعتدي على الحريات الفردية. قانون الحياء العام يقيد حرية الأفراد في المجمتع حسب المنظومة الأخلاقية لمطبق القانون بسبب مطاطيته. يجب علينا الغائه اليوم والتعويض عنه بقوانين مختلفة تعالج المشاكل المختلفة كل على حدى.
لا مجال للكسل في التشريع، ولا مجال لظلم الضحية ولا للحلول الخاطئة بعد اليوم..