كبريت هو موقع الكتروني يوثق ويؤرشف، عن طريق الفيديو، الحركة الفنية والثقافية في الأردن، ويلقي الضوء على العاملين في المجال الثقافي من تشكيليين وموسيقيين وكتاب وشعراء وسينمائيين وممثلين في الأردن اليوم.
شكراً لجهودكم..

كبريت هو موقع الكتروني يوثق ويؤرشف، عن طريق الفيديو، الحركة الفنية والثقافية في الأردن، ويلقي الضوء على العاملين في المجال الثقافي من تشكيليين وموسيقيين وكتاب وشعراء وسينمائيين وممثلين في الأردن اليوم.
شكراً لجهودكم..
.هذا المقال مشاركة من المحامي الصديق محمد مازن الناصر
عندما تمر كلمة “تقبل” على مسامعنا للوهلة الأولى نتفاجئ بأن الجميع يبادر بالادعاء انه يتقبل الغير، وعند الغوص في ذاك المفهوم تبدأ الصراعات المعلنة وعلى افضل حال يكون صراع داخلي، يتباهى العديد بتقبل المماثل. مفهوم التقبل أوسع من فقط تقبل الأديان أو المعتقد أو عرق؛ فان وجدنا شخص متقبل لدين مختلف ولا يتقبل اختلاف العادات فهذا ليس من قبيل التقبل
إن التقبل لا يحتوي على مثال واحد فقط، بينما التقبل وعدم الوصمة والتمييز بالاضافة الى عدم الحكم ضد الاخرين هو أساس رقي أي مجتمع، مع تسليط الضوء في هذا الصدد على أن روح التقبل تكمن بمن لا يؤذي الاخرين وبمن لا يمس بكرامة أي شخص فلا نستطيع أن نعتبر من يملك معتقدات اجرامية يشوبها قتل الاخر أو سرقة الاخر بأن ذلك حرية معتقد أو توجه فكري، أما ما دون ذلك فأي معتقد أو تصرف تحت ظل القانون محمى بموجب جميع النصوص الدستورية والقانونية. فكيف لهذا الشخص الذي يحكم ضد المختلف أن ينصب نفسه الحاكم والجلاد ؟ إن عدم التقبل يؤدي إلى ازدياد نسبة الجريمة وذلك في قمة الخطورة على مجتمعاتنا.
كم سمعنا عن تلك “المطلقة” والتي وصِمت فقط بسبب عدم اتفاقها مع الشريك بمؤسسة الزواج، كم سمعنا عن وصمة العار ضد تلك “المحجبة” أو تلك “الغير محجبة” أو ذلك “المتعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسب” أو التمييز ضد “أصحاب البشرة السمراء”، أو أي توجه مختلف، كم سنجد أراء مضادة ولربما أن يهدر دم ذاك المختلف. حيث أن عدم التقبل يزيد من الجرائم.
عدم التقبل و الوصمة والتمييز ضد المختلف، يوقع المجتمع بزيادة نسبة الجريمة، وكم سمعنا بكل ألم عن تفجير رموز دينية أو قتل أشخاص بسبب اختلاف المعتقد، كم سمعنا عن الجرائم تحت داعي الشرف وازهقت أرواح بكل أنانية بسبب عدم التقبل، كم سمعنا عن دعوة للتحرش بإناث بسبب لباسهن وكم أن ذلك محزن أن نجده في وطن يسعى للانتاج ويسعى للتطور. وكل ذلك يحد من جمال مواد الدستور الأردني.
عندما نبحر بين نصوص الدستور الأردني سنستـمتع بمواد تعطي حرية للمواطنين بشكل لطيف جدا، فبداية أن جميع الأردنيون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين؛ كما نصت الفقرة الأولى من المادة السادسة من الدستور الأردني، رغم العديد من المطالبات لتوسعة دائرة الاختلافات حتى لا نقع في زاوية التفسير الخاطئ.
أما المادة (7) فقد نصت بوضوح بأن الحرية الشخصية مصونة وأن كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.
مرورا بالمادة (8\1) تنص بوضوح بأنه لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقييد حريته إلا وفق أحكام القانون.
وكم أنني معجب بتلك المادة (14) التي تنص على أن الدولة تحمي حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للاداب ولا زلت أتمنى أن نلغي تلك الجملة المطاطية (النظام العام أو الاداب العامة) ومن قال بأن الأداب متشاركة أو متشابهة مع الجميع و كم أن هذه الجملة واسعة التطبيق حيث أنه من المنطقي جدا بأن نجد أخوين كل منهما لديه اداب وأنظمة مختلفة، فما أجمل لو قام المشرع بتفسير هذه الجملة.
أما المادة (15) فكان لها رفع القبعة احتراما:
ما أجمل هذه الشعارات، ما أجمل أن تطبق في الواقع وما أجمل أن نجد مجتمع مليئ بالحريات حرية المعتقد وحرية التعبير وحرية الرأي كما أنه بوضوح ربط المشرع الحرية في البحث العلمي مما يؤثر مباشرة على النتاج للدولة.
عدم التقبل هو خطر مؤثر بشكل مباشر على انتاج الدولة فكيف لنا أن نزيد نسبة الانتاج لأشخاص يهدرون الوقت لاثبات انهم على حق وأي شخص مخالفهم الرأي بأنه جاهل أو أن رأيه مغلوط دون الاستناد إلى أي رأي علمي فقط لمجرد الاختلاف، وهؤلاء لديهم القدرة على إضاعة أيام وشهور فقط لغايات اثبات أنه أفضل من أي شخص دون أن يقوم بأي انتاج.
إن أساس الإنتاج هو أخذ المواد الخام وتحويلها الى مواد تصلح للاستهاك لغايات تحقيق المنفعة والفائدة للمنتج، وذلك يتطلب مجهود وتخصيص وقت وتركيز حتى نصل الى مجتمع منتج. أما في ظل عدم التقبل، يكون من الواضح أن الأولويات تكون لغايات الحكم ضد المختلف وازهاق الوقت بالوصمة والتمييز وذلك بتدخل غير منطقي في خصوصيات و\أو معتقدات الأشخاص مما يعتبر لا أخلاقي.
وفي النهاية فان التقبل هو مطلق طالما أن روحه هو عدم ايذاء الاخرين ولا يوجد استثناءات طالما بأن روح التقبل موجودة، لا للوصمة ولا للتمييز، لا لعدم التقبل ولا للحكم ضد الاخرين ودائما نسعى لايجاد مجتمع منتج خال من الوصم والتمييز فالوصمة تقتل الأمل، ولا بد أن نرى الأمل ينيير طريقنا نحو الانتاج.
المـحـامـي
مـحـمـد مـازن الـنـاصــر
يؤسفني قرار مديرية المتابعة في هيئة الإعلام الأردنية منع روايتي الجديدة “ليلى والحمل” من دخول السوق الأردني على مستويين، ككاتب أردني وكمواطن يؤمن بحرية التعبير وحق الفرد بالوصول إلى المعلومة دون وصاية أو رقابة حكومية.
ومع تفهّمي لدور هيئة الإعلام الأردنية وواجبها الوطني في بناء نظام إعلامي حديث يتماشى مع سياسة الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي التي ينتهجها الأردن كما تقر الرؤية الملكية للإعلام المنشورة على موقع الهيئة الإلكتروني، إلاّ أني أجدني اليوم في موقف التشكيك، لا في .نزاهة الهيئة، بل في آلية عملها ونهجها لتطبيق هذه الرؤية
لذلك ارتأيت أن أطرح هنا بعض النقاط للنقاش العام لعلّنا نستطيع الوصول لتوافق يراعي روح العصر وينصف الأدب والأدباء ويحترم عقل المواطن الأردني.
كنت قد قمت بزيارة هيئة الإعلام الأسبوع الماضي لمناقشة أسباب منع الرواية. وللأمانة استقبلني مسؤول مديرية المتابعة بحفاوة وانفتاح واحترام (كل الاحترام والمودة لشخصه الكريم)، وهو كذلك لم يبخل عليّ بوقته ولا بصراحته بوجوب منع الرواية من وجهة نظره. كما أنه شرح لي بأن قرارات المنع تكون في الغالب مستندة على نصوص قانونية لا آراء شخصية لموظفي المديرية. وبالنسبة لرواية “ليلى والحمل” قال أنهم وجدوا فيها “وصف للعملية الجنسية وألفاظ بذيئة وأفكار بعيدة عن مجتمعنا”، لذلك فقد استوجبت المنع لأنها تخالف القانون الأردني الذي يمنع الكتب التي تحتوي على “عبارات منافية للأخلاق والآداب العامة”.
أعتقد أنه علينا أن نقف أمام هذه العبارة في القانون ومدى صلاحية تطبيقها على الأعمال الأدبية والفنية، فهي قد تصلح للحكم على مقال صحفي يخاطب العامة لكنها لا تصلح للحكم على عمل أدبي أو فنّي يحاكي الواقع ويحاول رسم شخصيّات روائية متكاملة قد تعيش حيوات لا أخلاقية وتقوم بأفعال منافية للأخلاق وتنطق بعبارات مخالفة للآداب العامة.
كذلك علينا أن نعي المدى الشاسع الذي تنضوي تحته الأخلاق والآداب العامة وتجنب الوقوع في فخ اختزالها في “المسبّات” والأمور الجنسية. فالأخلاق العامة تحتّم علينا احترام حرية الفرد بالتعبير وتوجب علينا التمسك بواجباتنا الأخلاقية بالمطالبة بعدالة اجتماعية تنصف كلا المرأة والرجل وتعيد تصويب التشويه الاجتماعي الحاصل لحال المرأة نتيجة جهل عام في كينونتها وجنسانيتها. فالثقافة الجنسية غائبة عن مدارسنا وهي كذلك محاربة في كتبنا. وفعلاً، استخدم في “ليلى والحمل” اسلوب نسوي قد يكون راديكالي بعض الشيء في الأدب بغية موازنة التطرف الذكوري المسيطر على ثقافتنا. والقصة تحتوي على بعض المشاهد الجنسية المهمة لبنائها الدرامي وهذه المشاهد كتبتها بشكل مختصر يحمل بعض الجرأة وبهدف توعوي لا اباحي. فالشخصية الرئيسية في الرواية هي امرأة تحب السيطرة في علاقاتها الجنسية وتعاني من علاقتها مع زوجها. والرواية تسلّط الضوء على حياتها الخاصة والعامة وتحاول قراءة العلاقة بينهما ولربّما تحاول تصويب الفكر العام السائد الذي يقر بأن النساء خاضعات بالجنس بالعموم ويربط بين خضوعهن بالجنس وواجب خضوعهن في الحياة العامة.
قد يكون الطرح جديد في الأدب الأردني، ولكني أجد أنه من الخطأ الحكم على الأفكار المطروحة بمنطق بعدها وقربها من مجتمعنا. فما هي وظيفة الأدب إن لم تكن طرح أفكار جديدة ونقد للفكر السائد؟ وكيف تتطور المجتمعات إن انغلقت على نفسها ومنعت من مناقشة أفكار غريبة عليها؟ أيمنع الرقيب كل فكر جديد بحجة بعده عن مجتمعنا؟ ولماذا لا نترك للمجتمع أن يقرر ما يناسبه، فيقرأ ما يريد ويترك ما يريد، دون وصاية حكومية مقتصرة على أفراد في دائرة واحدة قد يكون لديهم فكر وأخلاق خاصة بهم؟
كذلك أجدني هنا أطالب بمراجعة تطبيق هذا القانون على الأعمال الأدبية، فكيف لنا أن ننتج أعمال أدبية تحاكي الفساد الموجود في المجتمع بكافة أشكاله دون خدش للحياء العام؟ كيف لنا أن نصف حياة قاتل أو سارق أو مغتصب أو سارق أو مدمن للمخدرات أو إرهابي أو أو أو دون نقل صورة حقيقة لحيوات هؤلاء الأشخاص التي تكون في الغالب بعيدة عن الأخلاق والآداب العامة؟ أليس الأولى بنا الإقرار بأننا بتطبيق هذا القانون على الأعمال الأدبية نقتل الرواية الأردنية ونحد نموها وانتشارها؟ فكيف لنا أن ننجح في خلق صناعة وطنية ابداعية تسخر طاقات الشباب وتساهم في انتعاش الاقتصاد ونحن نحارب انتاجاتنا الابداعية بعقلية زمن غابر؟
المؤسف أن منع الروايات من دخول الأسواق الأردنية مازال يطبّق في وقت تنتشر فيه الانترنت وتصل إلى كل بيت وكل هاتف محمول دون رقيب أو حسيب. فالكل يعلم بأن الإنترنت فضاء مفتوح، والمواقع الاباحية ليست محجوبة في الأردن، كذلك فإن أي فرد منّا يمكنه الوصول إلى أي معلومة يحتاجها كانت قريبة من أفكار المجتمع أم بعيدة عنه وهو جالس في غرفة نومه. المواطن الأردني لا يحتاج إلى القيام بأي مجهود للوصول إلى المكتبة والبحث عن كتاب معيّن يحتوي على ما عبارات مخالفة للآداب العامة، فالانترنت مفتوحة لذلك. كذلك فإن الكتاب الرقمي، وكذلك الصوتي، أصبحا متوفرين اليوم، وإن كان الرقيب يملك الأدوات والسلطة على منع الكتب الورقية، فهو مازال عاجزاً عن تقييد الحريّات الموجودة على الانترنت. وإن كانت الحكومة تعي أن مجتمعنا قد وصل إلى مرحلة من النضوج ترفض الوصاية على المحتوى وحق الوصول إلى المعلومة على الانترنت، لماذا مازالت ساكتة عن تصحيح عمل دوائر مهمة تعمل بعقلية قديمة؟
للأسف فإن منع الكتب يعد منعاً شكليّاً اليوم، يضر بصناعة الكتب ويحد من الإبداع ويحبط الأدباء، لكنه لا يمنع الكتاب من الوصول إلى القاريء.
كذلك فإني استغرب اسلوب التواصل الذي تتبعه الهيئة لتبيلغ المعنيين بقرار المنع، فهم يعلنون ذلك هاتفيّاً ويرفضون تسليم قرار المنع بشكل مطبوع. وقد قمت فعليّاً بطلب بتقديم طلب لاستلام كتاب المنع رسميّاً وقوبل طلبي بالرفض من قبل الهيئة. كيف يستقيم ذلك دون توضيح اسباب المنع كتابيّاً ليتسنى للكاتب أو دار النشر تقديم اعتراض عليه؟
أتمنى أن تعيد هيئة الأعلام الأردنية مراجعة عملها ليتناسب مع روح العصر كما تقر الرؤية الملكية للإعلام، فالمنع وتقييد الحريات ووأد الابداع لا يتناسب مع الواقع الحالي لمجتمعاتنا ولا يساهم في تحقيق التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي نطمح لها.
بعد عمل حقوقي مجتمعي لعدة سنوات وازدياد الأصوات المطالبة بإلغاء المادة ٣٠٨ من قانون العقوبات التي كانت تسمح بإسقاط عقوبة الإغتصاب عن الجاني إن تزوج من ضحيته، قام المشرّع الأردني بتعديل المادة لتلغي اسقاط العقوبة عن المغتصب. وهذا انجاز جيد نفرح له. ولكن المادة، وللأسف، تتمسك بالعقوبة في حالة “الرضا” ، أي بحالة الجنس خارج إطار الزواج (الزنا).
وهنا يكون المشرع قد أبدع في تحويل مادة قانونية ظالمة للمرأة إلى واحدة ظالمة للرجل. فما على المرأة الأردنية اليوم، إن أرادت الزواج من رجل أعجبها، سوى إغرائه وممارسة الجنس معه لليلة واحدة، تطالبه من بعدها بالزواج. إن رفض، فعقوبة السجن بانتظاره (اعتقد أنها ٣ سنوات ).
المشرّع وبظلمه للرجل في هذه الحالة، لم ينصف المرأة أيضاً، فالعقلية الذكورية في سن القوانين سائدة هنا، وفي هذه الحالة هنالك تعامل مع المرأة على أنها قاصر، وعلى أن القانون واجب عليه حمايتها حتى ولو تم الفعل الجنسي برضاها. كذلك فإن القانون يغفل عن ذكر حقيقة أن هنالك مادة أخرى في القانون تعاقب المرأة في حالة الزنا. وهنا سؤال للمشرع، هل تسقط عقوبة المرأة إن تزوجت الرجل الذي زنت معه؟ أم أن المرأة يجب أن تعاقب في كلتا الحالتين، تزوجت أم لم تتزوج؟
للأسف هنالك جهل تام بالحقوق الجسدية والحريات الجنسية عند المشرع الأردني. فالرهاب الجنسي السائد اجتماعيا يقودنا نحو قوانين مجحفة في حق كلا الجنسين.
توضيح وزيرالإعلام في مؤتمر صحفي تم اليوم بخصوص التعديل
اعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني أنه تم الغاء المادة (308) من مشروع قانون العقوبات.
وبين الوزير في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير العدل بسام التلهوني أن مجلس الوزراء ناقش باستفاضة هذه المادة وأخذ الاراء كافة حول هذه المادة.
وقال ” حاولنا أن نواءم بين الآراء، وقد نرى هنالك ردود فعل ايجابية وأخرى سلبية حول المادة”.
والمادة 308 كانت تعفي المغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية، وظلّت محط انتقادات المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني.
وبموجب التعديل، تم إقرار العقوبة إذا تمت مواقعة الأنثى بالإكراه حتى لو تم جى زواج بين الطرفين لاحقاً، في حين أوقف تنفيذ العقوبة على مواقعة الأنثى التي بلغت 15 عاما ولم تكمل الثامنة عشرة من عمرها، إذا كان الأمر برضاها.
من جهته قال الوزير التلهوني أن أي افعال ناتجة عن العنف والاغتصاب او عدم الرضا اصبحت مجرمة حتى لو كان الزواج صحيحاً.
واضاف ” لكي نبقي مساحة للاستفادة من النص اذا كان هنالك تراض، بحيث يطبق النص في حالة عدم الرضا، أما في حالة الرضا فاذا كان هنالك عقد زواج وكان الزواج مستمر لمدة 3 سنوات وحافظ عليها في حالة الجنحة، و5 سنوات في حالة الجناية وهو في حالة الرضا وليس الاكراه”.
وقال الوزير ” يحقق هذا النص الردعين العام والخاص، فالخاص نتيجة ما قام به الفاعل، وهنا الردع العام يحصل نتيجة العقوبة التي تطبق نتيجة مواجهة ذلك الشخص”، موضحا”لذلك هنالك تجريم الاغتصاب وأفعال العنف وعدم الرضا”.
وفي رده على أسئلة الصحفيين حول المادة 308 وموضوع الرضا وان كان الزواج سيوقف تنفيذ العقوبة وامكانية اضفاء صبغة الرضا على الافعال، قال ” حتى لو تم الزواج يبقى الفعل مجرما، والجريمة ارتكبت ولكن كل ما هنالك أن الزواج يوقف العقوبة، ولو وقع اي خلل في احكام نص القانون تستعيد النيابة العامة حقها في الملاحقة”.
وعن وقف ملاحقة تنفيذ العقوبة قال هي “الناجمة عن حالات الزنا،ومواقعة انثى اكملت 15 سنة ولم تكمل 18 سنة برضاها حيث تخضع لاحكام المادة 308 بحيث يمكن توقيف تنفيذ العقوبة، وكذلك ارتكاب افعال هتك عرض بغير تهديد او عنف”.
واوضح ” هي افعال من الممكن توقيف العقوبة خلافا لاحكام المادة 308″، وكذلك “فض البكارة مع الوعد بالزواج اذا ثبت عنصر الرضا سيؤدي الى وقف تنفيذ العقوبة وذلك اذا جرى الزواج بعقد صحيح لمدة 3 سنوات او 5 سنوات ويعتمد ذلك على طبيعة الفعل”.
ولفت حول ما يقال ان السيدة او اهلها يرغبون بالاستفادة من النص حيث لا تكون هنالك رضا “اذا ارتكب فعل وتم النقاش لاحقا بانه كان برضاها فان النيابة العامة تستشف من القرائن والدلائل.
من المحزن أن يؤدي الرهاب الجنسي في الأردن إلى قتل كل ما هو جميل وناجح في هذا البلد. نتفهم الخوف من الجنس في ظل غياب توعية جنسية في المدارس، سياسة فصل الجنسين في المدارس، وثقافة شعبية تربطه بالشرف. ولكن الهوس في تحديد جنسانية الفرد وتجنّب الخوض في الأمور الجنسية في النطاق العام (للبالغين) تضخمت لتطال كافة جوانب الحياة الطبيعية الأخرى، وأضحت حجة لقمع أبسط أشكال التعبير من فنون وموسيقى وطريقة ارتداء الأفراد لملابسهم ولهجتهم وطريقتهم بالكلام والحركة. ومن الطبيعي، في مجتمع تضخمت فيه الذكورية، أن تدفع المرأة والأقليات ثمن التراجع الثقافي والبلطجة الشعبية.
فالفيديو الذي تم عرضه على قناة رؤيا، وفيه ايحاءات جنسية، مطلوبة في سياق نقد الرسائل الجنسية في برامج الأطفال، لم يكن ليقابل بمثل هذا الغضب الشعبي لو لم تكن مقدمة البرنامج فتاة. فترسيخ المرأة على أنها سلعة جنسية في كافة البرامج التلفزيونية والدعايات والأغاني العربية والأجنبية منع المتلقي من رؤية الرسالة النقدية من خلف البرنامج، ليقرأها على أنها مقدمة كإثارة جنسية من قبل مقدمته. فلو كان المقدم رجل، لما هبّ من هب ليدافع عن محافظة المجتمع المزعومة. فالرجل مسموح له بالتعبير عن جنسانيته، كان ذلك في الشارع، أو البيت، أو أية مساحة خاصة أو عامة، ومجتمعنا يجب أن يعرف بأنه مجتمع ذكوري لا مجتمع محافظ. حجة أنه مجتمع محافظ تستعمل فقط لتقنين جنسانية المرأة وتحديد حرياتها وحركتها. كذلك فإن الأصوات الطائفية التي ربطت مقاطعة القناة ب”الإسلام” ونعتت مالكها بأنه “نصراني” (لا يوجد نصرانيين في الأردن، هنالك مسيحيين). تدل على دفع الأقليات ثمن التراجع الإجتماعي والتضخم الذكوري.
وبالعودة إلى البرنامج موضوع الطرح، ونقده الموضوعي، ووجود ايحاءات جنسية به. ما هي طبيعة الإيحاءات الجنسية التي وجدت في البرنامج؟ المقدمة لم تقم بأي تمثيل يدل على إغراء أو أي حركة في وجهها أو جسدها أو حتى في لباسها تدل على رغبتها في إثارة المشاهد جنسيا. كل ما قدمته هو قراءة لقصة تهدف إلى توعية المشاهد إلى وجود بعض الإيحاءات الجنسية في المواد المقدمة إلى أطفالنا. فالبرنامج لم يقدم “ايحاءات جنسية” كما زعمت الصحافة، بل قدم نقدا مباشر لتلك الإيحاءات الجنسية في قصص الأطفال. فلو قدم البرنامج “ايحاءات جنسية” حقيقية، بمعنى لو قلدت المقدمة هيفاء وهبي مثلا في فيديو كليب “بوس الواو” لما كانت ردة الفعل بهذه القوة. وذلك يذكرني بردة الفعل الشارع “المحافط” (اقصد الذكوري) لحملات التوعية بمرض نقص المناعة، فالتوعية بطرق الوقاية من المرض مرفوضة ولكن تجاهل انتشار الجنس غير الآمن مسموح! وهذا يدل على تناقد صارخ في الفكر الذكوري يغطي عن تفشي آفات اجتماعية عميقة طالمة قشرة “المحافظة” براقة وتحمي الميزات التي ينالها الذكر في هكذا مجتمع.
ولكني أتساءل هنا، متى سيتصالح الأردنيون مع جنسانيتهم؟ ومنى تكف تلك الحساسية في التعامل مع احدى أهم الصفات التي تعرف الإنسان؟ متى سننضج ونحسن التعامل مع الإنسان؟ اليست الايحاءات الجنسية اليوم أفضل من ايحاءات العنف والكراهية والقتل؟ وأين المشكلة إن كانت تلك الايحاءات تقدم لكبار بالغين متصالحين مع أنفسهم ومع طبيعتهم وهويتهم الجنسية؟
لم يكن على رؤيا الإعتذار، بل كان عليها أن تنتهز الفرصة وتقدم لنا برامج أخرى ترفع من الوعي الجنسي وتصالح المجتمع مع الجنس، ولو قدمت هذه البرامج بشكل فكاهي ساخر أو ترفيهي.
نحتاج اليوم إلى ثورة جنسية تعيد الحيوية إلى المجتمعات العربية، فقمع الحقوق الجسدية والحريات الجنسية يعد من أكبر الأبواب اليوم التي تستغل لقمع الفرد العربي. وصحية المجتمعات تبدأ بتصالح المرأة مع الرجل وتصالح الإنسان مع جسده.
تبدو بوصلة المشرع الأردني تائهة في البحث عن حلول عملية للمعضلات والقضايا الاجتماعية، فعوضا عن حلول عملية مبينة على أساس منطقي ومجربة بنجاح في دول أخرى، نرى القوانين تأتي بناء على المشاعر الشعبية السائدة أو لأغراض تفيد فئة معينة من الشعب عوضا عن الحل الأمثل المفيد للجميع.
من أهم هذه الأخطاء:
٥. العذر المخفف لجرائم الشرف
لسنوات عديدة أعطى المشرع الأردني عذرا مخففا للرجل الذي يقتل بدواعي الشرف انطلاقا من الثقاقة الاجتماعية التي تعيب على المرأة حريتها وجنسانيتها. جاء القانون انعكاسا للمشاعر الاجتماعية المتعاطفة مع الرجل ونظرتها الدونية للمرأة. بعد سنوات من النشاط الاجتماعي المعارض لهذا القانون وبعد نمو الامتعاض الاجتماعي من وحشية هذه الجرائم، لم يعد يجرؤ المشرع الأردني على منح القاتل ذلك العذر المخفف لكن تلك الجريمة مازالت منتشرة.
٤.قانون تزويج المغتصبة لمغتصبها
انطلاقا من نفس المنطق الذكوري وخوفا من قتل العائلة لإبنتهم المغتصبة درءا للعار فإن المشرع الأردني ارتأ أن أفضل الحلول هو اسقاط الحق القانوني عن المجرم إن تزوج ضحيته! عوضا من معاقبة العائلة التي تقوم بقتل ابنتها الضحية يقوم القانون بمعاقبة الضحية مرة ثانية تحت منطق غريب بعيد عن الإنسانية.
٣. حرمان المرأة الأردنية من حق توريث جنسيتها لأبنائها
ينطبق الحال على حرمان المرأة الأردنية من حق توريث جنسبتها لأبنائها. فبالرغم من الدستور الأردني الذي يقر المساواة بين المواطنين بالحقوق والواجبات، نرى القانون يفرق بين المرأة والرجل من منطلق ذكوري بحت لا يرى مساواة بين الجنسين. بالرغم من منح أبناء الأردنيات حقوق مدنية مؤخرا، إلا أن حرمان المرأة من حق توريث جنسيتها يشير بوضوح إلى خلل دستوري وتشريعي.
٢. تفعيل قانون الإعدام
تفاجأنا اليوم بخبر إعادة تفعيل عقوبة الإعدام ردا على انتشار أخبار القتل في الصحف الأردنية مؤخرا. جاء اعادة العمل بعقوبة الاعدام انعكاسا للمشاعر الاجتماعية الغاضبة من انتشار الجريمة ومطالبتها بفرض عقوبات رادعة. ذلك التفكير الشعبوي المبني على مشاعر عاطفية لا يجوز أن يدفع المشرع الأردني نحو العودة في عقارب الساعة في وقت يتجه العالم نحو الغاء تلك العقوبة الغير فعالة في محاربة الجريمة. التقصير المجتمعي للحكومة في محاربة الجريمة لا يجب أن يترجم بتشريع جائر.
١. قانون انتخاب عشائري
خوفا من سيطرة حزب الإخوان المسلمين على المجلس التشريعي، تم الانتقال إلى قانون الصوت الواحد الذي قتل الحياة الحزبية في الأردن وحول المجلس النيابي إلي مجلس خدمي عشائري. على الرغم من محاولة تعديل القانون واضافة صوت حزبي له، إلا أنه مازال قاصرا ومعيقا للنمو السياسي للدولة.
في بداية ايامي المهنية قبل اكثر من عشر سنوات كان لدي زميل في العمل من سكان مدينة إربد. كان هذا الشاب شديد التدين، لا تفوته صلاة ولا صوم ولا ينفك برفع صوت تلاوة القرآن في مكتبه بدل الموسيقى المنتشرة في وقتها. وفي يوم من الأيام خرجت معه للغذاء في سيارته. كان يقود سيارته بشكل جيد إلى أن شاهد فتاتين تقفان على ناصية الشارع فما كان منه إلا أن اقترب بسيارته منهما، ضرب زموره، فتح نافذته وعلق تعليق جنسي لا أذكره اليوم. حين استهجنت فعلته بعدها، أجابني بأن منظرهما بالشعر الفارد الطويل واللباس الضيق يوحي برغبتهما بما فعل!
لا أذكر هنا تدين الشاب رغبة في مهاجمة المتدينين ولا المح إلى مدينة إربد بالذات كمنطقة تنتشر فيها ظاهرة التحرش الجنسي ولكن الذاكرة أعادت لي ذلك المشهد اليوم مع انتشار فيديو التحرش الجماعي في الفتاتين قرب جامعة اليرموك في إربد. الجانب الديني للشاب يأتي بتناقض تام مع ما فعله، والقصد من ذكر تدينه هو محاولة فهم نفسية الشاب الأردني الذي يجب تبريرا للتحرش الجنسي في القتيات في الشارع إلى درجة لا يعد يرى فيها تناقضا مع أخلاقه العامة ووازعه الديني. فهو قد يرفض سماع الموسيقى لأنها حرام، ولكنه لا يجد مشكلة في التحرش الجنسي. المنطق البشري شديد الغرابة، فبعض الشباب المتدين يرى بالمرأة التي لا تلتزم باللباس الديني الذي يؤمن به بأنها عاصية وأنه بتحرشه الجنسي فيها يعطيها درسا علها تتعظ.
أعرف جيدا بأن هذا التوجه من التفكير محدود بين فئة معينة من الأشخاص ولا يفسر انتشار ثقافة التحرش الجنسي بهذا الشكل الكبير بحيث لم يعد لباس المرأة يحميها من تحرشات الشباب وأضحينا نرى مشاهد فيديو لتحرشات جماعية تقشعر لها الأبدان.
قبل حوالي سنتين، قامت دكتورة في الجامعة الأردنية بمساعدة بعض الطالبات على عمل فيديو يحارب التحرش الجنسي في الجامعة الأردنية ولكنها طردت على أثرها من الجامعة. قام وقتها الداعية الديني أمجد قورشة بجمع حوالي ٥٠ فتاة من كلية الشريعة في الجامعة للوقوف وقفة سماها وقفة “العفة” كان الهدف من ورائها محاربة الدكتورة لأن نشاطها لمحاربة التحرش الجنسي اعتبر تشهيرا في الجامعة الأردنية وتوسيخا لسمعتها. فنحن عادة نجرّم عند فتح أفواهنا ونفضح ما يحصل، وكأن سمعة الجامعة تلطخ بالحديث عن ما يجري فيها من أهوال، لا من الأهوال نفسها التي يجب محاربتها.
فيديو التحرش الجنسي الجماعي في إربد الذي انتشر اليوم أدى إلى غضب شعبي عارم ورفع مشكلة التحرش إلى واجهة النقاش الاجتماعي. ذلك شيء جيد ولكن يجب علينا أن نستغل هذه الفرصة لنطلب من الحكومة التعامل مع هذه الظاهرة بجدية أكبر. المطلوب استراتيجية وطنية واضحة لمحاربة هذه الظاهرة. وجود سيارة الشرطة في الفيديو وعدم تدخلهم لحماية الفتاتين يشعرني شخصيا بالخزي. وجود هذا الكم الهائل من الشباب اللاهث خلف الفتاتين يدق ناقوص الخطر بأن هذه الجريمة أصبحت جزءا من الثقافة الشعبية ومن الصعب محاربتها فقط بتطبيق عقوبة رادعة من دون دراسة الأسباب من خلفها.
أعتقد شخصيا أن فصل الجنسين في المقاعد الدراسية أدى إلى تشويه العلاقة بينهما. هنالك انعدام ثقة واحترام بين الرجل والمرأة في مجتمعنا. لربما كان بذرته محاولة تقييد العلاقات الجنسية ولكنه أضحى اليوم مشوها للصورة الطبيعية التي يجب أن يكون عليها أي مجتمع صحي. يجب علينا إلغاء المدارس غير المختلطة وتصحيح العلاقة بين الجنسين.
صوت لمى زخريا من أحلى الأصوات الأردنية، والأحلى من هيك أنها توظفه لنقد ومحاربة آفة اجتماعية مثل التحرش الجنسي. جريئة لمى وقوية ومبدعة.
مرات بكون الفن أفضل وسيلة للتغيير الاجتماعي، الحمدالله لسة في عندنا مواهب ولسة في عندنا ناس بتآمن بالتغيير..
اعتدنا عند الحديث عن حقوق المرأة رفع شعار المساواة بين الجنسين كأحد الأهداف البديهية التي تنادي بها المرأة بعد عقود من التهميش والتحجيم والهيمنة الممنهجة لجنس الإناث. المساواة أمام القانون، بالمنطق العام، يعد أساس العدالة الإجتماعية، ليست المساواة بين الجنسين فقط بل أيضا المساواة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، المساواة بين الأشخاص من أتباع المعتقدات المختلفة، المساواة بين الأفراد من الأصول والمنابت والأعراق المختلفة، أي المساواة بشكل عام.
في المقابل، فإننا أيضا عند الحديث عن حقوق المرأة اعتدنا أن نرى جهابزة المفكرين يبدعون بالخروج بحلول شبه منطقية للوقوف في وجه هذه الحقوق والحؤول دون تحصيلها. من أهم هذه الإبداعات الفكرية في الآونة الأخيرة هو ذلك الخطاب الشبه ذكي الذي ينسف أساس المطالبة بحقوق النسوة ويقر بأن الرجل والمرأة قد خلقوا غير متساوين أصلا، فكيف لنا أن ننادي بمساواتهم؟ المنطق بسيط، مساواة من هو ليس متساو يعد ظلما، وبالتالي الطرح العام لشعار المساواة يعد ظالما بحد ذاته!
فعلا، للوهلة الأولى يبدو منطقا بسيطا، يحمل شيئا، وأقول هنا شيئا، من الذكاء وبالتالي سهولة بالإقناع والنشر. ذلك فإننا أصبحنا نرى قادة دينية مثل وزير الشباب السابق الشيخ محمد نوح القضاة لا يتوان في استعماله في برنامجه على التلفزيون الأردني أمام عشرات الآلاف من المتابعين. عشرات الآلاف من ورثة العقلية الذكورية الجالسين خلف أجهزة التلفاز داخل منازلهم يحيون الشيخ على ذكائه الخارق الذي، وبمنطق بسيط، حمانا من هجمة الغرب ومن المؤامرة التي تحاك على عاداتنا وتقاليدنا العربية وديننا الإسلامي. فميراثنا الثقافي يقر بأدوار جندرية محددة يجب أن يلعبها جميع الرجال وبأدوار أخرة يجب أن تلتزم فيها كل النسوة، فأي حديث عن كسر لهذه الأدوار الجندرية يعد إرهاصا بحد ذاته.
لكن لنعود إلى منطق المساواة أمام القانون، ولنأخذ صفة إنسانية أخرى غير صفة الجنس على سبيل المثال. لنتكلم عن الطول. لنصنف الرجال إلى فئتين، فئة طوال القامة من طول ١٧٥سم إلى ٢٠٠سم وفئة قصار القامة من طول ١٥٠سم إلى ١٧٥سم. ولنسأل أنفسنا يا أعزائي القراء: هل يجوز المساواة بين هاتين الفئتين اللتين خلقتا غير متساويين؟ من الوهلة الأولى ممكن أن نفترض بأن الرجال طوال القامة هم جسديا أكثر قوة من الرجال قصار القامة، وبشيء من المبالغة ممكن أن ندعي بأنهم أكثر وسامة (لأن الذوق العام يفضل الرجال ذوي القامة الفارهة)، وبكثير من المبالغة وبتطويع المنطق ممكن أن ندعي بأنهم أكثر ذكاء أيضا، وممكن أن نعطي دلائل تثبت ذلك من دراسات إحصائية تجد علاقة مباشرة بين طول القامة ودخل الرجل. بالمختصر المفيد، هاتين الفئتين من الرجال غير متساوين، وبالتالي حسب منطق أعداء مساواة الرجل بالمرأة عليهم أن يدعموا قوانين مميزة للرجال طوال القامة.
قد يرفض البعض المثال ولا يرى المنطق من ورائه ولذلك فإنني سأحاول التوضيح أكثر هنا. التكلم عن صفة الطول لا يختلف أبدا عن التكلم عن صفة الجنس، فالتمييز بين البشر يمكن أن يكون أساسه صفة إنسانية واحدة تبنى عليها افتراضات مختلفة. قد يظن البعض بأن هنالك لا أساس لمقارنة هاتين الصفتين، فالطول كما يراه الجميع يأتي بدرجات مختلفة، بينما الجنس في العرف العام لا يأتي سوى في شكلين إثنين وهذا عرف خاطىء. الجنس بيولوجيا يعرف بالأعضاء التناسلية، وبدقة أكبر حجم تلك الأعضاء التناسلية. فالاختلافات البشرية بحجم الأعضاء التناسلية هو تماما نفس الإختلاف في صفة الطول بين البشر. في المثال أعلاه قسمت الرجال إلى طوال قامة وقصار قامة مع أنه يوجد نقطة التقاء مشتركة هي طول ال ١٧٥سم، هي نفسها النقطة التي نسميها عادة بالجنس الثالث عند مقاربة مثالي الطول والجنس. يعني لو اختزلنا فئة الرجال طوال القامة في صورة رجل واحد طوله ١٨٥سم وسميناه سين، وعلى نفس المنوال اختزلنا قصار القامة في صورة رجل واحد طوله ١٦٠سم وسميناه صاد، فإن الصورة المعيارية لسين وصاد ستشكل أساس الفئتين وبالتالى فإن سين، الصورة الأبهى لفئة الرجال الطوال لا يمكن أن تتساوى أبدا مع صاد، الصورة الأبهى لفئة الرجال القصار، وكذلك فإن نقطة الإلتقاء يمكن انكارها وشيطنتها، أو إضافة أو طرح سم من الطول للرجال ذوي الطول ١٧٥سم كي لا يتم خلط الأمور ومساواة من هم أصلا غير متساويين!
قد أكون عقدت الأمر بدلا من تبسيطه، ولكن المنطق عادة يكون أكثر صحة حين يرى من أبعاد مختلفة، فالنقطة في بعد واحد قد تكون سطرا في بعدين. ولأكمل الفكرة هنا، فإن الأعضاء التناسلية تختلف في الحجم بين البشر ونقطة الإلتقاء بين الذكر والأنثى هو ما نعرفه عادة بالجنس الثالث، ولكن في الواقع فإن الذكر هنا يشبه سين في مثال الطول، كلمة ذكر تختذل فئة معينة تحمل تباين كبير في الأعضاء التناسلية، وكذلك هي الأنثى في اللغة تشبه الصاد في المثال وتشير الى فئة واسعة.
بالمختصر، الجنس هو صفة انسانية واحدة كأية صفة انسانية أخرى والتماهي في الصفات الأخرى بين أبناء الجنس الواحد أكبر منه بين الجنسين. يعني اختلاف القدرات العضلية مثلا بين الذكور قد يكون أوسع من اختلاف القدرات العضلية بين ذكر معين وانثى معينة، فهنالك من الاناث من يفوقون الذكور بالقدرة العضلية، وذلك لا يحولهم بيولوجيا إلى ذكور أبدا. على نفس المنوال كذلك هو الاختلاف في كل الصفات الانسانية الأخرة كالطول والذكاء والعاطفة وووو.
في النهاية فإن اختزال فئة واسعة بشكل واحد والتمييز ضدها على هذا الأساس هو الظلم بعينه. فعلا، أحيانا تكون المساواة بين من هم غير متساويين غير عادلة، وهنا يمتد هذا ليشمل عدم التساوي بين أبناء الجنس الواحد، ولكن القانون عادة يكون أشمل من هذه الاختلافات الفردية وأوسع ليضم الجميع تحت رايته.
أستغرب الشبق الذي يدفع بالبعض لإطلاق العنان لخيالهم الخصب وبناء ناطحات سحاب على منطقهم الضحل حين يتم الحديث عن حقوق المرأة الأردنية، وكأن هنالك علاقة عكسية بين حقوق المرأة وكرامتها وعزتها وبين المصلحة العامة للوطن والمجتمع والقضية الفلسطينية والهوية العربية والسلم العالمي ورضى رب العالمين! فثلا القانون الغبي الذي يسقط عقوبة المغتصب إن تزوج ضحيته يبرر من قبل بعض الأفراد على أنه وجد لحماية المغتصبة من القتل على أيدي أهلها، فبدلا من حل المشكلة بمعاقبة الأهل الذين يقومون بهكذا جريمة، يتم سماح المجرم ومكافأته ومعاقبة الضحية بطريقة قد تكون أسوأ من قتلها.
على نفس المنوال، يحرم القانون الأردني المرأة الأردنية من حقها الأساسي في منح جنسيتها لزوجها وأولادها تحت منطق واهي يربط من حقها بالقضية الفلسطبينية والوطن البديل، وكأن حرمان المرأة من هذا الحق يضمن حل القضية وبقاء الفلسطينيين على أرضهم. المحزن أن تشاهد كتاب في وزن طارق مصاروة يهول من هذا الأمر بطريقة استعراضية تهدف إلى استنفار الناس واستفزاز مشاعرهم عندما يربط بين حق المرأة في منح جنسيتها لعائلتها وبين ضياع الهوية الفلسطينية والهوية الأردنية
وتقول للسادة المهتمين بتخلي 400 ألف فلسطيني عن جنسيتهم: أتريدون إلغاء هوية الفلسطيني، أو إلغاء هوية الأردني؟! ولمصلحة مَنْ بعد ان وصل تثبيت الهوية الفلسطينية إلى اعتراف العالم بدولتهم وبعد دماء غزيرة كان الدم الفلسطيني يجري فيها طيلة قرن من الزمن؟!
لكنه لم يفسر لنا كيف سيتم الغاء الهوية الفلسطينية أو الهوية الأردنية في هذه العملية؟ هل يتكلم هنا من منطق اقليمي ضيق لا يرى قيمة للحقوق المدنية والهوية الوطنية أمام قوة الأصول والمنابت؟ كيف ستلغى الهوية الأردنية بتجنيس كان من كان إن كانت الهوية الأردنية مرتبطة بالجنسية الأردنية والدولة الأردنية؟ في أية دولة مدنية حديثة من دول العالم، فإن حامل جنسية ذلك البلد هو مواطن كامل في الحقوق الواجبات حتى لو حصل على الجنسية أمس. لا يتم أبدا التشكيك في ولائه أو انتمائه أو التمييز ضده في أي من الأمور الحقوقية. آما عن تجنيس ٤٠٠ ألف فلسطيني كما يدعي، فهو لم يقم بتقديم إثبات بحقيقة الرقم الذي يتكلم عنه ولكنه قدره جزافا من الرقم الرسمي المعلن وهو 60 ألف امرأة أردنية متزوجة من أجنبي. افترض بأن كل الأجانب هنا فلسطينيين وأن عدد أفراد كل أسرة من تلك حوال 6 أفراد!!
المهم بعيدا عن تهويل الأرقام، فهنالك افتراضين اخرين قام بهم الكاتب: الأول أن ال 400 ألف فلسطيني مستعدون للتخلي عن جنسيتهم الفلسطينية؟ وأنا لا أفهم ذلك! إن كان القانون يمنع مزاوجة جنسيتين عربيتين في نفس الوقت فالأولى تغيير هذا القانون عوضا عن حرمان المرأة الأردنية من حق أساسي. وهذا على افتراض أن كل هؤلاء الفلسطينيين على أهبة الإستعداد للتخلي عن جنسيتهم ووطنهم. أما الإفتراض الثاني وهو ذا بعد ذكوري بحت، لا يعترف بأن أبناء المرأة يحملون جزأ من دمها وكينونتها وهويتها الوراثية. نعم العرف التقليدي يقتدي نسب الولد إلى الأب، لكن العرف المدني في الدولة المدنية الحديثة يقتضي حق جنسية الأب وجنسية الأم. فال 400 ألف فلسطيني الذي يتكلم عنهم هم نصف أردني ونصف فلسطيني إن أردنا أن ننظر للمرأة على أنها مواطن يحمل الأهلية ولها حق أساسي في أبنائها ونسبهم. وعلى نفس المنوال فإن الألاف الأخرى من الرجال الأردنيين الذين تزوجوا بفلسطينية، فإن أبنائهم نصف أردنيين ونصف فلسطينيين، ومشاركتهم في “الغاء” الهوية الأردنية أؤ الفلسطينية أو التخلي عن فلسطين وتهجيرها من أهلها لا يجب أن يقل ابدأ عن الفئة الأول. لماذا على المرأة الأردنية أن تدفع ثمن القضية الفلسطينية لوحدها؟
القضية ليست قضية تجنيس وتوطين كما يريد أن يصورها البعض، القضية هي قضية حقوق مرأة ومساواة وعدالة اجتماعية. علينا اليوم أن نختار، هل الأردن دولة مدنية أم لا؟ إن كان كذلك فإن قوانين الدولة يجب أن تراعي حسها المدني وليس التقاليد الخاصة لبعض الأفراد الظالمة للمرأة.
أتمنى من كل داعم لهذه القضية مشاركة الحوار على تويتر تحت الهاشتاج #جنسيتي_حق_لعائلتي