مراجعة جديد لرواية ليلى والحمل


وصلتني هذه المراجعة القيّمة لليلى والحمل من نور مدرّس يكن، من أفضل المراجعات التي وصلتني للرواية، ويسرني مشاركتها معكم.

ليلى والحمل رواية ذات دخول عنيف وخروج أعنف. يبرع فيها الكاتب (كعادته) بقلب الأدوار ويرغِم فيها القارئ بكامل إرادته على فهم وجهة نظر الطرف المقابل بغض النظر عن هويته الجندرية وصفاته الاجتماعية.

تقف رواية ليلى والحمل على ثلاث عوارض محورية حساسة مجتمعياً و تدعّم بعارض رابع يعتبر واحد من “تابووات” المجتمع ألا وهي الروح الساكنة ما بين عالم الأحياء والأموات وتمتّعها بقدرات تفوق القدرات المعتادة.

العارض الأول تجسيد شخصية المرأة المسيطرة والرجل الخاضع و حث المجتمع على تقبل الحالتين واحترامهما دون الاهتمام بجندرية المسيطر والخاضع. وقد وسّع الكاتب الأفق ليس فقط لتخيّل السيطرة والخضوع في المواقف الحميمية بل أيضاُ ليشمل أي موقف عام يحصل بين شريكين من جنسين مختلفين وتأثير تلك التوافقية على حياتهما اليومية ومخططاتهما المستقبلية. وقد أكد الكاتب بطريقة سرده للأحداث على أهمية توضيح هذه التوافقية الحميمية منها قبل العامة لضمان الاستمرارية بين الطرفين.

العارض الثاني هو مفهوم الخيانة وتعريفها بين أفراد المجتمع أي متى تعرّف على أنها خيانة ومتى تكون فعل ناتج عن ردة فعل بعد حالة يأس من تغيير الواقع تبدأ بإنهاء مرحلة والانتقال الى مرحلة أخرى. يتطرق الكاتب أيضاً الى معضلة مشهورة في موضوع الخيانة ألا وهي السبب الذي دفع للفعل والتبرير الذي يعلل فيه الشخص ما يقوم به من أفعال.

العارض الثالث الصراع الدائم بين تأنيب الضمير والفضيحة أو العار.هو صراع دائم قائم من الأزل ينتهي عادة بخسارة كبيرة لطرف على حساب الآخر. لا يمكن لأحد أن ينكر مروره أو مرور أحد من معارفه فيه. سواء كان الصراع ذو طبيعة إجتماعية أو مهنية أو حتى دراسية . من وجهة نظري خفّف الكاتب حدّة الصراع بجملة بسيطة وعميقة: ” فمن منّا لا تطوله لحظات ضعف؟ ومن منّا لا يستحق فرصة ثانية لتصحيح ما اقترفت يداه”

يمزج العارض الرابع و هي الروح الهائمة بين العوارض الثلاثة في قصة شيّقة تجعلنا نفكر هل نريد تقبّل ليلى مع حملها بكل ما حملت قصتهما من مواقف ثقيلة بحلوها ومرّها أم نفضّل الذئب بكل ما كان يحمل من نوايا خبيثة لليلى ونبرر نواياه على أساس أنها طبيعة الذئب التي جُبل عليها ونكتفي بأن ليلى والذئب هي النسخة الأصلية للقصة وهي التي تربينا عليها ولا نتقبل أي نسخة مطورة عنها.

أسلوب الكاتب أسلوب شيق وبسيط ، يركّز على ثلاث أو أربع شخصيات بالقصة مما يجّنب القارئ الضياع والإضطرار للعودة بالأحداث للوراء ليمسك ما قد فاته. الكلمات المستخدمة بسيطة وعصرية وقريبة جداَ من الكلمات المتداولة اليومية مما يجعل أي شخص مستجد في القراءة قادر على إنهاء قراءة الكتاب.
شخصياَ، أحببت كتاب ليلى والحمل لكن وجدتها ثقيلة بأحداثها وعوارضها بعض الشيئ ، ربما كوني شخص يحب الوسطية في الأمور ويتجنّب رجاحة كفّة على أخرى حتى لو كانت بقبول الطرفين. بالنسبة لي استطاع فادي تجسيد فكرة المساواة وتقبّل الطرف الآخر في كل أشكاله في كتاب “أبرة وكشتبان” بشكل أقوى وبطريقة موضوعيه في حين غاب جزء من الموضوعية في ليلى و الحمل وحل مكانه القليل من المشاعر المتضاربة

حفل توقيع وإشهار رواية إبرة وكشتبان للكاتب فادي زغموت


تُقيم مكتبة عبد الحميد شومان العامة، ضمن برنامج قراءات في المكتبة، حفل توقيع وإشهار رواية “إبرة وكشتبان” للكاتب فادي زغموت، يوم الأربعاء 29 أيلول 2021، الساعة 5:00 مساءً في منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي- جبل عمّان، يقدم حفل الإشهار عمر الرفاعي.

حفل إشهار رواية إبرة وكشتبان

مختصر عن الرواية:

ماذا لو تطوّر الوعي الجمعي للبشر لتقسيم النوع الاجتماعي بناءً على صفة ثانية مختلفة عن الجنس؟ ماذا لو كان أساس التقسيم هو الطول؟ لو قسم الناس حسب أطوال قامتهم ووزعت الصفات والأدوار الاجتماعية عليهم بناء على ذلك؟ كيف سيكون حال متوسطو الطول؟

يعاني طولان متوسط الطول من رفضه الاجتماعي، ويحاول جاهداً التماهي مع أحد الشكلين المقبولين اجتماعياً. يعيش قصة حب مع الخياطة، التي تروي علينا تفاصيل رحلتها مع طولان، من أول لحظة تفتح فيها الباب وتقع في حبه، إلى انتفاضتها وتشكيلها لعالم جديد يكون أكثر ترحيباً به.

غلاف رواية إبرة وكشتبان

الدعوة عامة في منتدى عبد الحميد شومان – جبل عمان – أتمنّى حضوركم..


*ملاحظة: سيتم تطبيق كافة الاشتراطات الحكومية المتعلقة بالسلامة العامة والتباعد الاجتماعي خلال الحفل.


سيتم بث الفعالية عبر منصة زووم وصفحة المؤسسة على فيسبوك. يرجى تسجيل الحضور على الفيسبوك ومشاركة ونشر الفعالية.


لحضور الحفل عبر منصة الزووم من خلال الرابط: 

https://shoman-org.zoom.us/j/84933999308
رمز الفعالية: 84933999308 

استضافتي في برنامج سوالف مهجر


سعدت بالحوار مع زياد طارق رشيد ونتاشا تاينز أمس حول كتبي في برنامج سوالف مهجر وهو بودكاست من إعداد وتقديم زياد ونتاشا يركّز على جميع القضايا الدولية ويستضيف شخصيّات مؤثرة.

تكلّمنا في الحوار عن رواياتي الأربع وعن الموضوعات التي أتطرّق إليها في أعمالي وعن الحقوق الجسدية والحريات الجنسية في العالم العربي، كما تكلّمنا عن صناعة النشر والنشر الذاتي وصعوبة النشر في العالم العربي والصعوبات التي يواجهها المؤلف مع الرقابة.

أشارك معكم المقابلة كاملة هنا، أرجو أن تنال إعجابكم:

بابا كان أكبر من أن يرحل – معاناته مع مرض الكورونا


بعد أول أسبوع من معاناته مع الكورونا، وفي أحد الأيام التي شعر بها والدي أنه “أصبح أحسن”، وأنه انتصر على الفيروس طلب منّي أن أكتب عنها. تمّ ذلك خلال محادثة تلفونية كنت أتطمّن خلالها على صحّته وأدعو له بالشفاء التام. يومها كتب على صفحته على الفيسبوك تحذيراً عن المرض وخطورته، حاسباً جسده قد تغلّب على الفيروس وأن صراعه مستمر مع تبعاته. 

للأسف لم تكن تلك الصحوة سوى بداية النهاية، ففي الليلة نفسها ازدادت حالته سوءاً وبعدها بأيْام أدخل إلى العناية المركزة في مستشفى الجاردنز حيث أمضى أيّامه الأخيرة. 

“أكتب عن الكورونا يابا”، حين طلب منّي ضحكت ولم أحمل طلبه محمل الجدّية. ماذا سأكتب عن هذا الفيروس اللعين الذي يستقوي على فئة الشيوخ من كبار السن ليضيف إلى معاناة الشيخوخة عذاب لا أحد يستحقّه في هذه الفترة من حياته؟ كنت قد أمضيت العام الماضي قلقاً من أن يصاب هو أو أمي بالفيروس، أعبّر عن خوفي وبداخلي يقين أنه لن يتحقق. في الحقيقة فقد كان قلقي الأكبر على الوالدة لأنها تعاني من أمراض مزمنة وصحّتها ليست بالجيّدة بالرغم من أنها تصغر أبي بثلاثة عشر عام. إعتقدت أن صحتّه جيّدة وأن بدنه قويّاً وأنه قادراً على تخطّي المرض، خصوصاً وأن آخرين في العيلة من جيله كانوا قد أصيبوا به وخرجوا منه بأضرار بسيطة. وحين خبّروني في الأيّام الأولى من مرضه عن ارتفاع في درجة حرارته، ورفضه للقيام بفحص الكورونا في البداية، ونومه في السرير إلى جانبها، كنت مرتعباً على حياتها لا حياته. لم أحسب أبداً أن حياته هو التي كانت في خطر. لم يخطر على بالي أنّي سأفقد أبي بعد أسبوعين.

كانت أيّام صعبة علينا من أول السنة، وكأن أبواب الجحيم كانت مفتوحة، وسلّطت رياحها على عائلتنا. البداية لم تكن مع الوالد، بل الوالدة. شعرت بتوعّك صحّي كالذّي تعوّدناه أن يصيبها من فترة إلى أخرى. كنت أكلّمها كل يوم، فتخبرني بأن التهاب المفاصل قد اشتدّ عليها وأنها لم تعرف النوم من الوجع. أطلب منها الإرتياح وعدم التوتر لعّله يذهب عنها. ولكن بعد عدّة أيام اختلّ توازنها وفقدت وعيها للحظات وسقطت في الحمام. وقتها اعتقد الوالد بأنها إحدى نوبات التشنّج التي باتت تصيبها من فترة إلى أخرى بعد عمليّة الدماغ التي أجرتها قبل خمس سنوات. حملها إلى سريرها وتركها ترتاح من آلام النوبة حاسباً أنها ستزول بعد يوم أو يومين. لكنّها تعبها ازداد في اليوم التالي وارتفعت حرارتها وأصابها الهذيان، وبعد وقت هبط ضغطها هبوطاً عنيفاً استدعى الإستعانة بالدفاع المدني لنقلها إلى قسم الإنعاش في مستشفى الخالدي. 

لم نرد نقلها إلى المستشفى قبل وصولها إلى تلك المرحلة خوفاً من الكورونا، وقد كان ذلك خوفاً مستحقاً. ولكن حالتها الحرجة استدعت، وكأن السيناريو كان معد مسبقاً في السماء، ويتطلّب وجود الوالد إلى جانبها في المستشفى ليلتقط عودة الكورونا. هي أمضت عدة أيام في غرفة الإنعاش. فحصها للكورونا أعطى نتيجة سلبية، مازلنا نشك بها. فحوصاتها الأخرى كشفت عن التهاب في الدم ووجود بكتيريا الإيكولاي. خلال تلك الأيام الصعبة لم يكن ضغطها مستقراً. كانت تشعر بضيق في النفس وألم في الصدر. ومع الكشف تبيّن وجود ماء في الصدر خارج الرئة لربّما نتيجة للإلتهاب. وتبيّن كذلك وجود ضعف في دمها طلب على أثره الدكتور المعالج مدّها بوحدتي دم. وحين حضّرت لنقل الدم انخفض مستوى الأكسجين لديها بشكل أخاف الكادر الطبّي ليقرر وقف العمليّة. 

الحمدالله بعد أيّام نقلت إلى غرفة خاصة في المستشفى وتنفّسنا الصعداء لوقت قصير. ولكن تلك الأيام كانت “أرجوحية”، ما أن تطمئن قلوبنا وإذ بمصيبة أخرى تقبض عليها وتعصرها. ففي تلك الغرفة الخاصة أمضى والدي ليلة إلى جانب الوالدة كي لا يتركها لوحدها. حبّاً وحناناً تعوّدناه في علاقتهما طيلة أيام زواجهما الذي دام حوالي ٤٤ عاماً. هكذا ربّيانا وهكذاعلّمانا حب العائلة. لم يدرك أنه في تلك الليلة كان سيلتقط الفيروس. كذلك لم تدرك شقيقتي الأمر حين أمضت الليلة الثانية في الغرفة إلى جانب الوالدة. 

التقطا الفيروس كلاهما، وبدأت الأعراض في الظهور بعد ثلاثة أيام. جمانة أعراضها بسيطة؛ وجع في الرأس وتعب عام في الجسم. أما بابا فقد بدأت أوجاعه بالتهاب في الحلق تبعه ارتفاع في درجة الحرارة. مرض جمانة اضطرها على عزل نفسها منزلها بعيداً عن بابا الذي عزل نفسه في غرفته. 

قبلها بأيام، ومع خروج الوالدة من المستشفى، لم تكن قادرة بعد على الوقوف لوحدها. وكان الوالد هو المعين الأول لها. وفي اليوم الأول لها في المنزل رافقها إلى الحمام، لكنّه لم يقو على مساندتها للوقوف والعودة إلى سريرها، لربّما كان قد بدأ يشعر بالتعب من الكورونا قبل ظهور أعراضها عليه. 

كان مشهداً مؤلماً حين أحضر الوالد حرام ووضعه أرضاً تاركاً إياها لتسحل عليه، محاولاً سحبها إلى سريرها. يومها اضطرا إلى انتظار حضور أخي الأصغر فرح وأختي جمانة كي يساعدانه في حملها ورفعها إلى السرير. وليلتها تم طلب ممرّضة لمرافقتها ومعالج طبيعي للكشف عنها. طمّننا على قدرتها على المشي وأراحنا لوقت قصير آخر. 

أعراض الكورونا على بابا بدأت بالظهور بعد يومين، في ليلة يوم الثلاثاء، والحرارة العالية رافقته لثلاثة أيام إلى أن فحص يوم الجمعة. طلعت نتيجته إيجابية وعزل نفسه ولا أعرف إن كان التزم بتحصين نفسه بالفيتامينات المطلوبة في تلك الفترة أم لا. والأيام التالية كانت أكثر صعوبة عليه، حين بدأ الأكسجين بالهبوط رافقه صعوبة بالتنفس. لم تكن حالته تستدعي مستشفى بعد ولم يكن هناك من ينصح بنقله إلى مستشفى قد تستدعي عزله عنّا مبكراً. في تلك الأيام أحضرنا طبيباً لمتابعة حالته وجهازاً للأكسجين، وتفرّغ شقيقي فرح للعناية به والشق عليه في غرفة عزله من وقت إلى آخر. 

كانت حالته تتحسن وتسوء، تريحنا وتتعبنا معه، وبعد يومين تبيّن لأخي أن بابا لم يكن قادراً على الوقوف على قدميه. كان قد وقع على ظهره في غرفة نومه بعد دخوله الحمام جراء ارتفاع حرارته ونقص الأكسجين. حمل نفسه على الوقوف والاستلقاء في سريره ولم يخبر أحد سوى بعد أن اشتدّ وجعه وفقد القدرة على الوقوف. ارتعبنا بالطبع وأحضرنا من صوّر ظهر صورة أشعة، وأخرى كنّا قد صوّرناها لصدره. صورة الرئة كانت مطمئنة في تلك الفترة حسب رأي الأطباء، أما صورة الظهر فقد أقر أحدهم أنها تبيّن كسراً في الفقرة القطنية، ولكن طبيباً آخر بعدها بيوم طمأننا بأنه لا يوجد كسر. 

بابا كان يتألم ويستصعب النهوض، وتخونني هنا الذاكرة في استحضار تسلسل الأحداث، فخلال تلك الفترة بدأ الطبيب بحقنه في الكورتيزون الذي أشعره بشيء من النشاط وحرّك داخله مشاعر قوية. صحصح لساعات بكى فيها وكتب على الفيسبوك محذراً من خطورة الكورونا ونتائجها. اعتقد أنه تخلّص من الفيروس وأنه يعاني من تبعاته فقط. كان ذلك اليوم الذي تكلّمت معه خلاله وطلب منّي الكتابة عنها. 

تحسّنه لساعات أراحنا، وجاء يوم الخميس، اليوم العاشر لإصابته في الفيروس، حين شعر برغبة في شيء حلو، وتناول قطعة كبيرة من كيكة (شوكولاته على ما أعتقد). بعدها بساعات ارتفعت حرارته بشكل كبير وقفز السكري عنده إلى ٤٠٠. ارتفاع مخيف أضرّه بالتأكيد خصوصاً أنه لم يكن قد تناول دواء السكري الخاص به خلال اليومين السابقين. 

جئنا بالدكتور وتم التعامل مع ارتفاع السكر في الدم، ومضى يوم الجمعة، وجاء يوم السبت وحالته ازدادت سوءا إلى درجة أن اقتنع بالذهاب إلى المستشفى للكشف عنه لتقييم حالته. كانت نتيجة الكشف وجوب ادخاله إلى قسم العناية المركزة والذي تمّ في مستشفى الجاردنز.

ومن هنا بدأت المعاناة تزداد، فالوجود في المستشفى كحالة كورونا كانت تستوجب العزل، ومكوثه ليلة في قسم العناية المركزة بين مرضى آخرين بعضهم كانت حالتهم أكثر سوءاً من حاله أخافه. في اليوم التالي حين زارته جمانة، طلب منها إخراجه من العناية المركزة، قائلاً لها أنه لا يستطيع تحمّل الوجود بها. وحين أخبرتنا عن رغبته، لم نعرف ماذا نفعل. كانت منهارة بكاء، حزينة عليه، ولا تعرف ما هو أفضل له. حاولت التنسيق مع جهة خارجية لتوفير المعدات الطبية اللازمة له في البيت، ولكن الأكسجين الذي كان يحتاجه في تلك المرحلة لا يتوفر في المنازل. طلبت من الدكتور المعالج إخراجه إلى غرفة خاصة، ووافق بعد يوم، بعد أن اطمأن إلى أن حالته تحسنت. 

يومها فرحنا، ووصل أخي علاء من الإمارات إلى عمّان، وبدا أن بابا كان في طريق التعافي. كان أكثر نشاطاً ليلتها، ليلة الثلاثاء، أكل وشرب وتحدّث معهم. نمنا الليل مطمئنين، ولا أعرف ما حصل صبيحة اليوم التالي. لرّبما كان نتيجة لنقص الأكسجين، أو تعب أصابه، أو أحد أعراض الفيروس، لكنّ بابا لم يكن على حالته الطبيعية حين نزع عنه جهاز الأكسجين وإبرة التغذية من ذراعه، وحاول النهوض مصمماً على ترك المستشفى. وحين حاول علاء إرجاع جهاز الأكسجين على فمه، بعد أن ارتعب من سرعة انخفاضه وعدم قدرة بابا على التنفس دونه، قاومه إلى أن هبط الأكسجين هبوطاً مخيفاً فقد معه القدرة على المقاومة، مع حضور الممرضين لإسعافه ونقله إلى غرفة العناية المركزة مرة أخرى. 

ليلتها يبدو أن الفريق الطبي قرر اللجوء إلى استخدام مهدىء “الهالدول”، ولا أعرف إن كان مفعول المهدىء عليه أم نقص الأكسجين الذي أصابه ما دهور حالته. فحين وصلت أنا من الإمارات في ليلة الأربعاء وقمت بزيارته في المستشفى يوم الخميس، لم يكن في وعيه. لم يكن فاقد الوعي كذلك، ولكنه لم يكن مستجيباً لنا وبدا أن الممرض كذلك كان قلقاً على حاله، محاولاً تنبيهه إلى وجودي لعله يخرج من تلك الحالة. وقد كان تعباً، يبدو متألماً وهو على تلك الحالة. وكانوا قد ربطوا يديه في السرير كي لا يتجنبوا دخوله في حالة الغضب تلك مجدداً وإيذاء نفسه. وقد كان ذلك مخيفاً. 

 وفي ساعات المساء، حين قمت بزيارتي الثانية له في ذلك اليوم، كان قد بدأ بالخروج من تلك الحالة، وحين اقتربت منه أخبره عن وجودي، حرّك عينيه وفتحها شبه فتحة وابتسم. 

كم آلمتني تلك الإبتسامة. لم أحمل نفسي على مقاومة الضغط وانهرت باكياً لحظة خرجت من غرفة الإنعاش برفقة فرح. حضنته وبكيت حزناً على حالة بابا. وفي اليوم التالي، كان يوم جمعة، وخفت من زيارته ورؤيته مجدداً في حالته تلك خصوصاً وأنهم أخبرونا أنه لم يصحى منها بعد. تركت الزيارة لأخي علاء الذي طمأننا أن بابا قد بدأ يعود إلى وعيه وأن مفعول المهدىء بدأ يزول عنه. وهكذا كان في مساء السبت حين بدا أن وضعه قد بدأ بالتحسن، وأن وعيه عاد كاملاً. وحين زرته مع أخي فرح ليلتها، كان واعياً علينا لكنه لم يكن قادراً على التكّلم. وقد حاول، حين اتصلّت في أمي ووضعت سماعة الهاتف على أذنه ليتسنى لها إخباره عن اشتياقها له وانتظارها عودته. أمسك بكمامة الأكسجين وأبعدها عن فمه، ونطق بكلام غير مفهوم أعتقد أنه “أحبك أيضاً”. كذلك أسمعته رسالة صوتية كان قد أرسلها ابن عمّ له من تشيلي في اللغة الإسبانية لا أعرف ما تكلّم بها، ولكن يبدو أنها أفرحته لأنه هزّ رأسه موافقاً. وبعدها أشار لي أنا وفرح بيديه طالباً منّا إخراجه من غرفة الإنعاش، لكننا لم نستطع. لم تكن حاله تسمح بعد. 

وهكذا بدا أن حاله بدأت بالتحسن، وحسب ما أخبرنا الطبيب فإن معامل الإلتهاب للرئة أظهر تحسناً كبيراً. كان ما يزال تعباً في اليوم التالي حين زارته جمانة وأحضرت له كوكتيل فواكه لشربه. لكنه كان لم يستطع شربه. ويبدو أن شيئاً قد وصل إلى قلبه. لربّما نتيجة التعب الذي عاناه، أو أثراً للمهدىء والأدوية، أو قد يكون نتيجة للفيروس نفسه، لكن دقات قلبه بدأت بالتسارع بشكل كبير. ليلتها طلب منّا الممرض إحضار دواء منظّم للقلب من مركز الحسين للسرطان، وقد قامت جمانة بالذهاب مع زوجها رامي وإحضاره. وفي اليوم التالي، طلبوا منّا علبة ثانية من الدواء نفسه لأن قلبه لم يتحسن، وقام بإحضاره فرح. 

ليلة الأحد كانت الليلة الأخيرة التي تواصلت معه خلالها. أشار لي بأصبعه ولم أفهم ما أراد. حملت القلم والورقة التي أحضرتها جمانة للتواصل معه وتركته يكتب عليه. لم أفهم ما كتب بداية، لذك كتب مجدداً ١/٢ ورسم حولها دائرة، فهمت منها أنه أراد نصف حبة مهدىء ليكساتونين ليريحه قبل النوم. لكن الممرض رفض وقال أنها ستضره. وقد كان ذلك صعباً جداً عليّ لأني لم أستطع أن أريحه. لحظة تؤلمني بشدة ولن أنساها أبداً. 

وفي الليلة الأخيرة قبل وفاته، كان في وضع سيء حين زرته. دقات قلبه كانت تتأرجح بين ١٣٠ و١٦٠، ولم يكن قادراً على إبداء أي استجابه لنا. بين تسارع ضربات القلب التي استمرت لأكثر من ٢٤ ساعة وبين الإلتهاب الرئوي وصعوبة التنفس، لا بدّ أنه كان منهكاً. وعند خروجنا من غرفة الإنعاش، استطعنا التحدّث مع الطبيب المعالج، الذي أخبرنا عن قلقه على حالة القلب. كان مطمئناً إلى حاله قبل بدء نبضات قلبه في التسارع، ولكنها حال مرضى الكورونا كما قال لنا. لا يمكن أن تتنبأ بها. أخبرنا أنه بصدد التحضير لفحص الإيكو للكشف عن حالة قلب الوالد قبل تعريضه لشحنة كهربائية قد تعالج التسارع في نبضات القلب. وليلتها تم طمأنتنا إلى أن الفحص لم يظهر أي تجلطات تمنع التعرض للشحنة. 

أعتقد أنه لم يتم تعريضه للشحنة الكهربائية، وحين اتصل علاء في المستشفى في صباح اليوم التالي، أخبروه أن نبضات قلبه كانت ٨٠، وأن معامل الإلتهاب في تحسن، ولكن بابا يعاني من اكتئاب شديد. 

كم ارتحنا إلى ذلك الخبر، اعتقاداً منّا أن حالة بابا الحرجة انتهت، وأنه تخطّى أهوال الكورونا. بعدها بساعتين خرجت من البيت راقصاً أبحث عن سيارة فرح، فرحاً بالجو الحلو وبنجاة البابا، مخطئاً في سيارة فرح لأتفاجأ برقصي أمام شاب آخر! 

وحين وصلنا إلى المستشفى كلّنا أمل بتحسن حالته، وبعد دردشة مطولة مع حراس المبنى للسماح لنا بالدخول. لم يسمح سوى لي. بقي فرح عند الحارس وتركني أطلع إلى غرفة الإنعاش للشق على بابا. وتفاجأت عند وصولي من عدم سماحهم لي بالدخول، فقد كانوا حوله يحاولون إسعافه. خرج الممرض وسألني لما أتيت دون أن تتصل؟ وأخبرته بأننا اتصلنا قبل ساعتين وأخبرونا عن تحسن حاله. قال لي أن حاله قد ساءت وطلب مني الإنتظار إلى أن أتكلم مع الطبيب المسؤول عن الإنعاش. انتظرت حوالي عشر دقائق، الأصعب في حياتي، حين أنهى محادثته مع الممرضين وجاء لي. أخبرني أن بابا تعرّض إلى هبوط شديد في الضغط فقد على أثره وعيه، مما اضطرهم على ادخال انبوب إلى رئتيه لمساعدته على التنفس. قال أن حاله حرجة وسألني إن كان لدي أشقاء خارج البلاد، نصحني باستدعائهم. 

كنت مذهولاً مما حصل حين نزلت من غرفة الإنعاش لأخبر فرح. لحظات مخيفة. قررنا أن لا نخبر جمانة على الهاتف. قمنا بزيارتها، فبيتها قريب من المستشفى. أخبرناها ما تم، وبعد حوالي نصف ساعة تلقينا مكالمة هاتفية من المستشفى، أخبروا فيها فرح أن قلب بابا توقف عن العمل. 

فاجعة أصابتنا. نحاول التعامل معها منذ رحيله قبل حوالي ثلاثة أسابيع. الحزن كبير والألم شديد. لا نستطيع الإعتراف بأن هذا هو الواقع وأن الوالد قد رحل.

بابا كان أكبر من أن يرحل. 

ألم غيابه سيرافقنا إلى وقت طويل. كذلك حبه لنا، وحنانه، وحياته الطويلة التي أسعدنا خلالها. 

ها أنا قد كتبت عن الكورونا كما طلب مني. انتبهوا إلى أنفسكم وإلى آبائكم وأمهاتكم. هذا المرض لعين، ومؤلم إلى حد لا يوصف. 

بابا يحبكم كما أحبنا. 

رواية إبرة وكشتبان في قوائم الأكثر مبيعاً في مكتبات عمّان



شكرا لدعمكم وحبكم، ويسرّني أن أشارك معكم الخبر السار عن وصول رواية إبرة وكشتبان لقائمة أكثر الكتب مبيعاً في مكتبة فيرجن ومكتبة ريدرز في عمّان. كنت قد نشرت الرواية بداية كنشر ذاتي وطباعة حسب الطلب من خلال موقع جملون، ثم وقعت عقد نشر وتوزيع مع دار الأهلية للنشر. الكتاب متوفر اليوم للطلب أونلاين من خلال موقع جملون، أو القراءة ككتاب الكتروني من خلال تطبيق أبجد أو كندل أو رفوف. كذلك متوفر في مكتبات عمان كنسخة مطبوعة.
قائمة أكثر الكتب مبيعاً في مكتبة فيرجن في سيتي مول في عمّان
إبرة وكشتبان في مدخل مكتبة فيرجن في عمّان

جملون وأبجد.. شكراً


أحب أن أعبّر عن امتناني لكل من علاء السلال وإيمان حيلوز، شابين أردنيين رياديين كان لديهما رؤية عظيمة وقاما بتحقيق حلمهما بشق الطريق للكتاب العربي ليجد مكاناً في عالم المستقبل.


أنشأ علاء جملون، أكبر موقع الكتروني عربي لبيع الكتب، أنشأت إيمان أبجد، أول شبكة عربية لمحبي القراءة.
من المؤكد أن طريقهما لم تكن سهلة، وأن كلاهما، مدفوعان بشغف كبير، قاما بجهود جبّارة لإنجاح مشروعيهما وتطويرهما بشكل سريع للمنافسة في سوق جديد سريع التغيّر.

علاء السلال مؤسس جملون.. الصورة من موقع مجلة فينتشر


قامت جملون بإطلاق خدمة “الطباعة حسب الطلب” التي أتاحت للكتاب العرب خاصية جديدة لم تكن موجودة سابقاً للنشر الذاتي وطباعة كتبهم عند طلبها وتسويقها على موقعهم ليصل إلى أي مكان في العالم.
وعملت إيمان جاهدة على تحويل أبجد من موقع لمراجعات الكتب يشبه موقع “جود ريدز” إلي مكتبة الكترونية تضم موسوعة كبير من الكتب العربية تتاح باشتراك شهري للقاريء العربي على غرار ما تقوم به “نيتفليكس” للأفلام والمسلسلات. أذكر جيّداً بدايات إيمان وجهودها الجبّارة للتواصل مع دور النشر العربية للتعاقد مهما وتحويل كتبها إلى صيغة الكترونية تسهل قراءتها على تطبيق أبجد الرائع.

إيمان حيلوز.. مؤسسة أبجد.. الصورة من موقع ومضة


لولا هذين الشابين الأردنيين الطموحين وجهودهم الكبيرة، لم تكن لإبرة وكشتبان أن تبصر النور في هذا الشكل، ولا أن تصل إلى القاريء العربي بهذه السهولة وهذا اليسر. التجربة جديدة لي، ولم أتجرأ على الخوض بها سوى بعد أن طرقت أبواب العديد من دور النشر التقليدية، التي بالتأكيد لديها رؤيتها الخاصة وخطّها المعتمد ونظام وبيئة عمل مختلفة. كان أكبر همّي، والعائق الأهم أمامي، هو خوفي من صعوبة حصول القاريء على الكتاب، فكلا الموقعين، بإمكانهما إتاحة الكتاب لسوق واسع، لكنه لن يحصل على توزيع للتواجد في المكتبات. أمراً مهمّاً ولكنه في عصرنا الحديث ليس بأهمية اتاحة سهولة الوصول للكتاب أونلاين. كذلك فإني لم أوفق سابقاً بدار نشر تقوم بتوزيع كتبي في الدول العربية كما أطمح وأحلم. ولكني أفهم معضلة التوزيع وحالة السوق، كذلك أفهم العوائق التي تفرضها عيون الرقابة في الدول العربية على النشر والإبداع. وهذه ميّزة كبيرة يتخطّاها كل من جملون وأبجد، فالطباعة حسب الطلب لا تحتاج موافقة لتوزيع الكتاب وبالتالي فإن الكتاب لن يمر على الرقابة ولن يتعرّض للمنع، كذلك الكتاب الإلكتروني على شبكة أبجد سيكون بعيداً عن يد الرقيب وصلاحيته، وذلك أمر مريحاً لي بعد الذي تعرّض له كتابي السابق ليلى والحمل الذي منع من دخول الأردن ولم يوزّع في الدول العربية الأخرى.


لدينا العديد من التحديّات في الأردن، لكننا لدينا أيضاً العديد من قصص النجاح الكبيرة. شبابنا طموح وواعد ومثابر ومجتهد. علاء وإيمان فخر لنا ومثال صريح على قدرة شبابنا على التحليق والإنجاز.
نعم نستطيع.. شكراً لكما..

إبرة وكشتبان متاحة للقراءة على موقع أبجد
إبرة وكشتبان متوفرة للطباعة حسب الطلب من خلال موقع جملون

زغموت بتخيّل النوع الإجتماعي مقسّم حسب طول الفرد في روايته الجديدة “إبرة وكشتبان”


أعلن الكاتب الأردني فادي زغموت اليوم عن صدور روايته الجديدة التي تحمل عنوان “إبرة وكشتبان” من خلال موقع جملون الإلكتروني لبيع الكتب. تعالج الرواية موضوع النوع الإجتماعي من خلال فكرة مبتكرة.

تدور أحداث الرواية في مجتمع خاص يكون فيه التقسيم الأساسي للبشر هو الطول، ويصبح فيه الجنس صفة ثانوية. لذلك تتكون الهوية الجندرية للأفراد وتفصّل الأدوار الاجتماعية بناء على طول الفرد. وكحال أي تقسيم اجتماعي، يعاني هذا العالم من ظلم وتهميش لفئات وامتيازات تعطى لفئة على حساب أخرى. في “إبرة وكشتبان”، تكون الفئة صاحبة الامتياز هي فئة قصار القامة. القصة الأساسية مبنية على علاقة حب تجمع بين الراوية الخيّاطة قصيرة القامة وطولان متوسط الطول المنبوذ من المجتمع.

في تقديم الرواية يقول الكاتب، “أعتبر نفسي ناشط اجتماعي نسوي، لدي شغف للدفع نحو عدالة اجتماعية أكبر ترسّخ من المساواة الجنسية وتكسر الأدوار الإجتماعية الضيّقة. وخلال السنوات الماضية لاحظت أن مفهوم النوع الاجتماعي أو الجندر بعيد عن العامة، فهنالك صعوبة في التفريق بين الجنس كنوع بيولوجي وبين الجندر كنوع اجتماعي. ومن قراءاتي للنظريّات النسوية جاءتني الفكرة لتخيّل هذا العالم الخاص الذي يتطوّر فيه الوعي البشري ليقسم البشر حسب طول قامتهم عوضاً عن جنسهم البيولوجي. الرواية تحمل اسقاطات كبيرة على الواقع. آمل أن تضيف إلى النقاش حول النوع الاجتماعي في الأوساط النسوية والعامة”. 

هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها زغموت بنشر روايته ذاتياً عن طريقة خدمة الطباعة حسب الطلب التي تتيحها جملون لعملائها، وفي هذا الصدد علّق قائلاً، “يسعدني التعاون مع موقع جملون في هذا العمل. هذه أول تجربة لي مع النشر الذاتي ومتحمّس لها جداً. جملون يعد أهم المواقع العربية لبيع الكتب وتأمينه لهذه الخدمة يعد ثورة حقيقية في عالم الكتب وخيار جديد متاح أمام الكتّاب العرب”. 

بالإضافة إلى سهولة النشر والطباعة والبيع من خلال موقعهم، أعلن زغموت عن طرح الرواية بخيارين مختلفين لتصميم الغلاف الخارجي، بعدما أطلق تصويت على صفحته على الانستغرام وجمع آراء مختلفة من القراء. قرر توفير الغلافين كخيارين مختلفين عند طلب الرواية في سبق خاص،  وذلك ما تتيحه بسهولة خدمة الطباعة حسب الطلب التي توفرها جملون. 

يمكن طلب الرواية من خلال موقع جملون

طفح الكيل – انتفضن ونحن خلفكن


أدمت الجريمة البشعة بحق فاطمة أبو عكيلك قلوبنا جميعاً. نساءً ورجالاً. فلا يوجد إنسان عاقل قادر على تقبّل هذه الجريمة. لا مبرر لها. لا يمكن لنا استيعابها. كذلك لا يمكننا أن ننكر البعد الاجتماعي والثقافي الممهد لحصولها. ولا يجوز غض البصر عن استفحال الذكورية في مجتمعنا ووصولها إلى درجة الإجرام.

انتفضت نساء الأردن أخيراً ومعهن كل الحق بالانتفاض. طفح الكيل وقد آن له الأوان أن يطفح ويفيض. الإمعان بالظلم وصل إلى درجات لا تحتمل. المرأة معرّضة اليوم لكافة أنواع التعنيف والإذاء الجسدي واللفظي الذي قد يطال حياتها. وكل ذلك مبرر قانونياً واجتماعياً وثقافيّاً دون أي حماية حقيقية. وصمة العار جاهزة لدمغها. وشرفها هش سهل الخدش حتى دون أن يطال عذريتها. والوصاية الذكورية مطلية بغلاف أبوي زائف.

كنت في كل مرة تطرح مواضيع حقوق المرأة للنقاش. خصوصاً تلك المتعلقة بعدم المساواة في القانون. أتساءل لماذا تسكت المرأة الأردنية عن حقّها؟ أوجه سؤالي إلى تلك التي أخوض معها النقاش مستهجناً الحالة المرضية التي وصل مجتمعنا إليه. لماذا تسكتين؟ لما لا تنتفضي؟ لما لا تصرخي؟

وبعد ذلك أشعر بذنب يطالني لطرح تلك الأسئلة. فأي أبله أنا للتغاضي عن كمية النساء المناضلات اللواتي صرخن وانتفضن ودفعن الثمن خلال عقود من العمل النضالي لكي يبقى في مجتمعاتنا شيئاً من الإنسانية ولمسة من العدالة. أي أبله أنا لأوجه إصبعي نحو النساء متّهماً إياهن بالتقصير في حين نعمل جميعاً، نساء ورجالاً، على ترسيخ ذكورية موروثة وثقافة بالية.

نعم انتقضت النساء. نعم طفح الكيل. ونعم علا صوتهن. فلا يجوز السكوت بعد اليوم. فنحن اليوم أمام استحقاق مدني. أمام قرار انساني بمراجعة قيمنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا وقوانيننا بمنظار عصري يحمل شيئاً من العدالة الاجتماعية. ويعترف بالمرأة ككيان مستقل شأنها شأن الرجل. مساو له في الحقوق والواجبات.

المرأة الأردنية اليوم غير الأمس. واعية لحقوقها. واعية لقدراتها. وواعية لقوّتها وقدرتها على الاستقلال. وإن علت بعض الأصوات الجاهلة، بترديد اسطوانة الخطاب الذكوري المعتاد، “ليست من عاداتنا أو قيمنا أو ثقافتنا”. فلنا أن نرد عليهم ونقول أنه حان الوقت لتغيير العادات وتبديل القيم وتقليم الثقافة. فالظلم لم يكن أبداً من شيمنا.

انتفضن ونحن خلفكن.

في الممنوع – حلقة الروائي الأردني فادي زغموت


“ليلى والحمل” هو عنوان الرواية الممنوعة للروائي الأردني فادي زغموت وهي الثالثة بعد “عروس عمان” و”جنة على الأرض”. تناول زغموت أسباب منع كتابه بموجب قرار شفوي بسبب اغتبار الكتاب خادشاً للحياء، وتوسع في شرح مفهومه للهوية الجندرية، كما تطرق في الجزء الثاني إلى جرائم الشرف وتراجعها بعد إلغاء المادة 308

الكاتب فادي زغموت – الكتابة الابداعية في خدمة المجتمع


كبريت هو موقع الكتروني يوثق ويؤرشف، عن طريق الفيديو، الحركة الفنية والثقافية في الأردن، ويلقي الضوء على العاملين في المجال الثقافي من تشكيليين وموسيقيين وكتاب وشعراء وسينمائيين وممثلين في الأردن اليوم.
شكراً لجهودكم..