طارق مصاروة يحارب المرأة الأردنية


جنسيتي حق لعائلتي

جنسيتي حق لعائلتي

أستغرب الشبق الذي يدفع بالبعض لإطلاق العنان لخيالهم الخصب وبناء ناطحات سحاب على منطقهم الضحل حين يتم الحديث عن حقوق المرأة الأردنية، وكأن هنالك علاقة عكسية بين حقوق المرأة وكرامتها وعزتها وبين المصلحة العامة للوطن والمجتمع والقضية الفلسطينية والهوية العربية والسلم العالمي ورضى رب العالمين! فثلا القانون الغبي الذي يسقط عقوبة المغتصب إن تزوج ضحيته يبرر من قبل بعض الأفراد على أنه وجد لحماية المغتصبة من القتل على أيدي أهلها، فبدلا من حل المشكلة بمعاقبة الأهل الذين يقومون بهكذا جريمة، يتم سماح المجرم ومكافأته ومعاقبة الضحية بطريقة قد تكون أسوأ من قتلها.

على نفس المنوال، يحرم القانون الأردني المرأة الأردنية من حقها الأساسي في منح جنسيتها لزوجها وأولادها تحت منطق واهي يربط من حقها بالقضية الفلسطبينية والوطن البديل، وكأن حرمان المرأة من هذا الحق يضمن حل القضية وبقاء الفلسطينيين على أرضهم. المحزن أن تشاهد كتاب في وزن طارق مصاروة يهول من هذا الأمر بطريقة استعراضية تهدف إلى استنفار الناس واستفزاز مشاعرهم عندما يربط بين حق المرأة في منح جنسيتها لعائلتها وبين ضياع الهوية الفلسطينية والهوية الأردنية

وتقول للسادة المهتمين بتخلي 400 ألف فلسطيني عن جنسيتهم: أتريدون إلغاء هوية الفلسطيني، أو إلغاء هوية الأردني؟! ولمصلحة مَنْ بعد ان وصل تثبيت الهوية الفلسطينية إلى اعتراف العالم بدولتهم وبعد دماء غزيرة كان الدم الفلسطيني يجري فيها طيلة قرن من الزمن؟!

لكنه لم يفسر لنا كيف سيتم الغاء الهوية الفلسطينية أو الهوية الأردنية في هذه العملية؟ هل يتكلم هنا من منطق اقليمي ضيق لا يرى قيمة للحقوق المدنية والهوية الوطنية أمام قوة الأصول والمنابت؟ كيف ستلغى الهوية الأردنية بتجنيس كان من كان إن كانت الهوية الأردنية مرتبطة بالجنسية الأردنية والدولة الأردنية؟ في أية دولة مدنية حديثة من دول العالم، فإن حامل جنسية ذلك البلد هو مواطن كامل في الحقوق الواجبات حتى لو حصل على الجنسية أمس. لا يتم أبدا التشكيك في ولائه أو انتمائه أو التمييز ضده في أي من الأمور الحقوقية. آما عن تجنيس ٤٠٠ ألف فلسطيني كما يدعي، فهو لم يقم بتقديم  إثبات بحقيقة الرقم الذي يتكلم عنه ولكنه قدره جزافا من الرقم الرسمي المعلن وهو 60 ألف امرأة أردنية متزوجة من أجنبي. افترض بأن كل الأجانب هنا فلسطينيين وأن عدد أفراد كل أسرة من تلك حوال 6 أفراد!!

المهم بعيدا عن تهويل الأرقام، فهنالك افتراضين اخرين قام بهم الكاتب: الأول أن ال 400 ألف فلسطيني مستعدون للتخلي عن جنسيتهم الفلسطينية؟ وأنا لا أفهم ذلك! إن كان القانون يمنع مزاوجة جنسيتين عربيتين في نفس الوقت فالأولى تغيير هذا القانون عوضا عن حرمان المرأة الأردنية من حق أساسي. وهذا على افتراض أن كل هؤلاء الفلسطينيين على أهبة الإستعداد للتخلي عن جنسيتهم ووطنهم. أما الإفتراض الثاني وهو ذا بعد ذكوري بحت، لا يعترف بأن أبناء المرأة يحملون جزأ من دمها وكينونتها وهويتها الوراثية. نعم العرف التقليدي يقتدي نسب الولد إلى الأب، لكن العرف المدني في الدولة المدنية الحديثة يقتضي حق جنسية الأب وجنسية الأم. فال 400 ألف فلسطيني الذي يتكلم عنهم هم نصف أردني ونصف فلسطيني إن أردنا أن ننظر للمرأة على أنها مواطن يحمل الأهلية ولها حق أساسي في أبنائها ونسبهم. وعلى نفس المنوال فإن الألاف الأخرى من الرجال الأردنيين الذين تزوجوا بفلسطينية، فإن أبنائهم نصف أردنيين ونصف فلسطينيين، ومشاركتهم في “الغاء” الهوية الأردنية أؤ الفلسطينية أو التخلي عن فلسطين وتهجيرها من أهلها لا يجب أن يقل ابدأ عن الفئة الأول. لماذا على المرأة الأردنية أن تدفع ثمن القضية الفلسطينية لوحدها؟

القضية ليست قضية تجنيس وتوطين كما يريد أن يصورها البعض، القضية هي قضية حقوق مرأة ومساواة وعدالة اجتماعية. علينا اليوم أن نختار، هل الأردن دولة مدنية أم لا؟ إن كان كذلك فإن قوانين الدولة يجب أن تراعي حسها المدني وليس التقاليد الخاصة لبعض الأفراد الظالمة للمرأة.

أتمنى من كل داعم لهذه القضية مشاركة الحوار على تويتر تحت الهاشتاج  #جنسيتي_حق_لعائلتي