مراجعة جديد لرواية ليلى والحمل


وصلتني هذه المراجعة القيّمة لليلى والحمل من نور مدرّس يكن، من أفضل المراجعات التي وصلتني للرواية، ويسرني مشاركتها معكم.

ليلى والحمل رواية ذات دخول عنيف وخروج أعنف. يبرع فيها الكاتب (كعادته) بقلب الأدوار ويرغِم فيها القارئ بكامل إرادته على فهم وجهة نظر الطرف المقابل بغض النظر عن هويته الجندرية وصفاته الاجتماعية.

تقف رواية ليلى والحمل على ثلاث عوارض محورية حساسة مجتمعياً و تدعّم بعارض رابع يعتبر واحد من “تابووات” المجتمع ألا وهي الروح الساكنة ما بين عالم الأحياء والأموات وتمتّعها بقدرات تفوق القدرات المعتادة.

العارض الأول تجسيد شخصية المرأة المسيطرة والرجل الخاضع و حث المجتمع على تقبل الحالتين واحترامهما دون الاهتمام بجندرية المسيطر والخاضع. وقد وسّع الكاتب الأفق ليس فقط لتخيّل السيطرة والخضوع في المواقف الحميمية بل أيضاُ ليشمل أي موقف عام يحصل بين شريكين من جنسين مختلفين وتأثير تلك التوافقية على حياتهما اليومية ومخططاتهما المستقبلية. وقد أكد الكاتب بطريقة سرده للأحداث على أهمية توضيح هذه التوافقية الحميمية منها قبل العامة لضمان الاستمرارية بين الطرفين.

العارض الثاني هو مفهوم الخيانة وتعريفها بين أفراد المجتمع أي متى تعرّف على أنها خيانة ومتى تكون فعل ناتج عن ردة فعل بعد حالة يأس من تغيير الواقع تبدأ بإنهاء مرحلة والانتقال الى مرحلة أخرى. يتطرق الكاتب أيضاً الى معضلة مشهورة في موضوع الخيانة ألا وهي السبب الذي دفع للفعل والتبرير الذي يعلل فيه الشخص ما يقوم به من أفعال.

العارض الثالث الصراع الدائم بين تأنيب الضمير والفضيحة أو العار.هو صراع دائم قائم من الأزل ينتهي عادة بخسارة كبيرة لطرف على حساب الآخر. لا يمكن لأحد أن ينكر مروره أو مرور أحد من معارفه فيه. سواء كان الصراع ذو طبيعة إجتماعية أو مهنية أو حتى دراسية . من وجهة نظري خفّف الكاتب حدّة الصراع بجملة بسيطة وعميقة: ” فمن منّا لا تطوله لحظات ضعف؟ ومن منّا لا يستحق فرصة ثانية لتصحيح ما اقترفت يداه”

يمزج العارض الرابع و هي الروح الهائمة بين العوارض الثلاثة في قصة شيّقة تجعلنا نفكر هل نريد تقبّل ليلى مع حملها بكل ما حملت قصتهما من مواقف ثقيلة بحلوها ومرّها أم نفضّل الذئب بكل ما كان يحمل من نوايا خبيثة لليلى ونبرر نواياه على أساس أنها طبيعة الذئب التي جُبل عليها ونكتفي بأن ليلى والذئب هي النسخة الأصلية للقصة وهي التي تربينا عليها ولا نتقبل أي نسخة مطورة عنها.

أسلوب الكاتب أسلوب شيق وبسيط ، يركّز على ثلاث أو أربع شخصيات بالقصة مما يجّنب القارئ الضياع والإضطرار للعودة بالأحداث للوراء ليمسك ما قد فاته. الكلمات المستخدمة بسيطة وعصرية وقريبة جداَ من الكلمات المتداولة اليومية مما يجعل أي شخص مستجد في القراءة قادر على إنهاء قراءة الكتاب.
شخصياَ، أحببت كتاب ليلى والحمل لكن وجدتها ثقيلة بأحداثها وعوارضها بعض الشيئ ، ربما كوني شخص يحب الوسطية في الأمور ويتجنّب رجاحة كفّة على أخرى حتى لو كانت بقبول الطرفين. بالنسبة لي استطاع فادي تجسيد فكرة المساواة وتقبّل الطرف الآخر في كل أشكاله في كتاب “أبرة وكشتبان” بشكل أقوى وبطريقة موضوعيه في حين غاب جزء من الموضوعية في ليلى و الحمل وحل مكانه القليل من المشاعر المتضاربة

Do you have something to say?

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s