جنة على الأرض: تحليل بسيط، هل يستطيع العلم اصلاح علاقة الإنسان بالأرض؟


هل يحق للكاتب تحليل عمله الرّوائي؟

لا أعتقد أن هنالك ما يمنع ذلك، ولربما التحليل الذاتي للعمل الروائي يعطي للكاتب فهما أكبر للشخصيات التي كتبها وللأبعاد التي حاول معالجتها بالنص. كذلك فإنه قد يعطي الكاتب اشباعا ذاتيا عند الكلام عن فكرة طرحت في الكتاب بشكل غير مباشر ونقاشها بشكل مباشر يحلل من أبعادها بشكل أعمق.

في رواية جنة على الأرض حاولت اللعب على علاقة جنة بزوجها زيد وعلاقتها بعشيقها كميل بتشبيهها بعلاقتها بالأرض والسماء. فالمشاعر التي تشدها إلى شريك حياتها زيد تشبه إلى حد كبير المشاعر التي تشعر بها تجاه حياتها على الأرض، فهذه الحياة عرفتها بشكل كبير على مدار السنوات الطويلة التي عاشتها، وهي علاقة حقيقة، تعرفها جيدا وتعودت عليها، ولكنها تفتقد إلى قوة المشاعر وتلك السعادة الحالمة التي تتخيّلها الشخصية، التي تمثل الإنسان، في السماء بشكل عام.

بالمقابل، فإن انجذاب جنة القوي لكميل، وشعورها بسعادة لا تستطيع وصفها بحضرته، كان يخيفها ويدفعها للهروب منه لاعتقادها بأن تلك المشاعر قد تكون حقيقية فقط من المسافة التي تتركها بينها وبينه، تماما كما هو الحلم بالحياة السعيدة الأبدية في السماء.

اليوم ومع قراءتي للرواية مرة أخرى، وصلت إلى فقرة كنت قد طرحت بها فكرة لمعالجة برود العلاقة الجنسية في العلاقات طويلة الأمد. كنت قد كتبت على لسان جنّة:

احدى التقنيّات الغريبة التي تطبّق لإصلاح العلاقات الزوجيّة تشمل ربط صورة شريك الحياة بالإفرازات الهرمونية للدماغ. تقنيّة بسيطة يتم بها التعرّف على وجه الشريك عن طريق العدسة الإلكترونية التي يلبسها الفرد. بعد التعرّف إلى الوجه تنتقل أوامر الكترونية إلى روبوتات النانو التي تسبح في دورتنا الدمويّة، وتحثّها على التّوجّه إلى مركز الإثارة الجنسية في الدماغ وتنشيطها. (ص ١٧١)

تقنيّة بسيطة قد تعيد الألق إلى العلاقات الزوجيه، ولكني أفكر بها الآن بشكل مواز لبعض العقارات والمواد المهلوسة التي تلعب بكيمياء الدماغ وتشعر الإنسان بالسعادة، وهي بذلك، إن استطاع الإنسان أن يتغلب على أعراضها الجانبية من إدمان واكتئاب بعد زوالها، قد تكون الحل لعلاقته مع الأرض وتؤسس لسعادة طويلة الأمد تشبه تلك التي يحلم بها في السماء.

ولكن السؤال الفلسفي الذي لا أملك الإجابة عليه هو هل السعادة الدائمة القوية أفضل من السعادة الطبيعية التي تشوبها التعاسة من حين إلى أخر؟ هل الحياة في السماء أفضل من الحياة على الأرض؟ أم أن الجنة الحقة هي تلك في واقعنا الحالي، بحلوه ومره؟ ما رأيكم؟

2 Comments

  1. أعجبني مقالك… لعله يتطرق لقضية كتبتها في مقالتي سلطان الخيال… الدوامات الفلسفية للنفس وأمنياتها.

    Liked by 1 person

Do you have something to say?

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s