يوم العتمة الالكترونية في الاردن

مشاعر مختلطة انتابتني في يوم العتمة الالكترونية في الاردن. من جهة شعرت بالحزن والغضب لمحاولات تقنيين الحريات الانترنت ومن الجهة المقابلة شعرت بالفخر لمشاركتي حس المسؤولية، روح الجماعة، والتعاضد الإلكتروني لمختلف القطاعات الإلكترونية والناشطين الإلكترونيين لنصرة الحريات: حرية التعبير وحق نقل والوصول إلى المعلومة.

هذه النصرة الإلكترونية هي نتاج عمل سنوات من الانفتاح على الفضاء الإلكتروني الذي أسس لواحدة من أهم الصناعات الوطنية وإحدى قصص النجاح القليلة التي باتت تشعرنا بفخر كبير وأمل بمستقبل أفضل طالما حلمنا به لهذا الوطن. لم تذهب كل تلك السنوات هباءا، فالوعي الاجتماعي أثمر اليوم.

من الصعب قياس التغيير الاجتماعي الذي حصل في السنوات القليلة الماضية نتيجة الانفتاح في وقت قياسي غير مسبوق تاريخيا، لكنني أعتقد أنه أقوى وأعمق مما يمكن أن نتخيل. أعتقد أيضا أنه كان يجب توقع الردة الاجتماعية من محاولات التقوقع والمحافظة على ما هو متعود عليه، ومنها الخوف والهجوم على الانترنت بما حلمه من رياح عصفت بكينونة هذا المجتمع الذي تعود الانغلاق لفترات طويلة.

التغيير الاجتماعي لم يكن يوما سهلا في مختلف المجتمعات، والطريق إلى البلوغ كان يجب أن يمر بمرحلة المراهقة. نعم، نعرف حتما أن مرحلة المراهقة تحمل العديد من الأخطار ولربما برز أهمها اللامهنية والفظائع التي شاهدنا من المواقع الاخبارية المختلفة التي انتشرت بشكل كبير مؤخرا وكذلك سهولة نشر والوصول الى مواقع الإباحية الجنسية. لكن كما ينضج المراهق من تعرفه على الأخطار وتعلمه التعامل معها ليصبح شخصا بالغا واعيا فكذلك هي المجتمعات. التقوقع والانغلاق لم يكونا يوما وسيلة للنمو والتطور. مجتمعاتنا لم يسمح لها بالنمو في العقود الماضية تحت العديد من المسميات التي شلت من تطورها الطبيعي. هرمت أجسادنا وعقولنا حبست في مرحلة الطفولة. لكن الانترنت سمحت لنا بالافلات والوصول إلى مرحلة المراهقة.

وكمراهقين اليوم، لن نسمح لأحد ان يقيد من حرياتنا ويعيدنا إلى مراحل الطفولة. علينا أن نحارب وندفع الحكومة الاردنية للنضوج أيضا وكف يدها عن الوصاية الأخلاقية بمختلف أشكالها.

اليوم نحتفل بعيدنا الثامن عشر.. يوم العتمة الالكترونية.. والنضوج الشعبي!