شكرا تكية أم علي


تكية أم علي

أحب أن أشكر تكية أم علي، وأخص بالشكر يامن هلسة، على الدعوة والتجربة الجميلة أمس التي جمعت مجموعة من الناشطين على تويتر لتوزيع وجبات غذائية قبل موعد الافطار على بعض الجوعى من سكان الرصيفة.

تكية أم علي التي أسستها سمو الأميرة هيا بنت الحسين لإطعام الجوعى في الأردن ترفع هدفا نبيلا وهو القضاء على الجوع في الأردن في العام ٢٠١٥. اليوم تقدر التكية عدد العائلات الجوعى ب ٢٠،٠٠٠ عائلة. تطعم منهم بشكل شهري حوالي ٤،٥٠٠ عائلة.

عادة ما نغوص في حياتنا اليومية فلا نرى الجوعى من حولنا. إن كنا نشاهد بعض مظاهر الفقر إلا أننا لا نعي بأن هنالك من هم جوعى بيننا داخل الأردن ممن لا يقدرون على تحصيل كفايتهم من الطعام. لذلك فإن وجود جمعيات كتكية أم علي تشعرني بشيء من الراحة والأمل بأن المنظومة الاجتماعية في هذا البلد استطاعت أن تنتج نظام يساعد من هم أكثر فقرا منا وأشد حاجة، كما أنه يسد فجوة ضعفنا بمد يد المساعدة لهؤلاء ممن خذلتهم مجتمعاتنا. تكية أم علي بحاجة إلى دعمنا كلنا لتحقيق أهدافها وإراحة شيئا من الضمير الاجتماعي في داخلنا. لربما كان وجود الفقر بيننا محتملا بعض الشيء، ولكن معرفة أن هنالك من يعيش بجوع قاس ولا يحتمل.

الجميل في التكية أنها لا تطعم الجوعى فقط بل تبني برامج لمساعدتهم الخروج من دائرة الجوع وتمكينهم من العمل وإطعام أنفسهم وعائلاتهم. هنا يكمن الأمل بإصلاح اجتماعي قادر على الاستمرارية والديمومة.

من الأمور المؤثرة التي علمت بها أمس هي تلك المتعلقة بتفضيل التكية توصيل وجبات الطعام إلى منازل الجوعى عوضا عن اللجوء إلى موائد الرحمن المعتادة، وذلك لسببين: الأول للحفاظ على كرامة الجوعى الذين قد يخجلون من القدوم إلى هذه الموائد وإظهار جوعهم للعامة. أما السبب الثاني والموجع أكثر، فهو تحول تلك الموائد الى تجمعات ذكورية بحيث يأتي ذكور العائلة للأكل وتترك الاناث جوعى في المنازل تجسيدا للثقافة الذكورية الظالمة للمرأة حتى عند الحديث عن الجوع. أكثر الصور المحزنة هي تلك التي يشاهد فيها الذكور يلتقطون بقايا طعام تلك الموائد لإطعام إناثهم في البيت! توصيل وجبات الطعام لكل فرد من أفراد العائلة إلى المنزل يبدو الخيار الأفضل الذي تقوم به التكية.

زيارة الرصيفة كانت تجربة فريدة بحد ذاتها، فهي تعد من أكثر المحافظات كثافة سكانية في المملكة وإحدى أهم جيوب الفقر. لربما كان الأطفال في الشوارع هي سمة المدينة الظاهرة بالإضافة إلى القاذورات المنتشرة في كل مكان. براءة الأطفال ووجوههم جميلة جدا جدا. تراهم يتراكدون بين الحارات ويلحقون بنا من مكان الى آخر. يتدافعون بين بعضهم البعض ويلعبون وكأنهم خارج هذا العالم، خارج الزمان والمكان. لكن وجودهم في الشوارع مخيف، فهناك غياب تام لأية رقابة عائلية، وأذيتهم لبعضهم البعض تتم بشكل يومي لدرجة تجعلك تتساءل عن غياب البالغين في هذا المجتمع المحلي.

تكية أم علي مثال حي لأهمية الجمعيات الخيرية في تحقيق الأمان الاجتماعي.

2 Comments

Do you have something to say?

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s