لقد مر الغرب في القرن الماضي بثورات اجتماعية هائلة أدت الى أعادة الاعتراف للمرأة ككائن بشري مساو للرجل من ناحية اجتماعية. لم تكن تلك الثورات لتحصل لولا النمو في الوعي الاجتماعي و الانساني الحاصل في تلك المجتمعات و النضال الفعال المستمر للمرأة الغربية بشكل خاص و العالمية بشكل عام لكسر قيود العبودية الذكورية التي رافقت المجتمعات البشرية لالاف من السنين.
مع أن الثورات عادة معدية, تنتشر بسرعة انتشار اتون النار, كما رأينا السنة الماضية في ثورات الربيع العربي, الا أن الثورة الجنسية في الغرب لم تنتقل بسلاسة الى الشرق, و مع أن صداها يرن اليوم في مختلف جوانب المجتمعات الشرقية, الا أنها مازالت تجابه بمقاومة شرسة من مجتمعات تحمل عداء للغرب منذ أيام الاستعمار القديم و الاطماع السياسية المستمرة حتى اليوم.
ومع تمايز المجتمعات الشرقية و الغربية بين مجتمعات قفزت باتجاه وعي اجتماعي جديد و اخرى قاومت هذه القفزة, ظهرت الحاجة لاعادة تعريف الرجل و المرأة في هذه المجتمعات. فالرجل و المرأة هي مفاهيم اجتماعية تختلف بكينونتها من مجتمع لاخر, و لذلك ظهر ما بتنا نعرفه اليوم بالرجل الشرقي و المرأة الشرقية!
هنالك اختلاف بالرؤية الاخلاقية التي تحملها صفات الرجل الشرقي. فالرجل بشكل عام مفهوم معقد و يحمل من الصفات المختلفة ما تجعله يحمل صورا مختلفة في ذهن الاشخاص المختلفة. لكن النظرة السائدة في المجتمع اليوم ركزت على مجموعة صفات حاولنا تعظيمها هذا الرجل على حساب صفات أخرى. كان لناحية الموروث الثقافي لحالة الاستعمار و حركة التحرر و حالة الحرب مع اسرائيل وقع كبير للقيم التي حاول المجتمع الاردني تعظيمها في الرجل. لربما كانت الشجاعة و القوة هي أهم تلك الصفات, و تعظيمها كان ردة فعل طبيعية لمجتمعات تشعر بالخطر و تحاول الحفاظ على كيانها ووجودها.
للأسف فان تعظيم ربط قيمة القوة بالرجل رافقه تهميش بربطها بالمرأة. كما أن القوة بطبيعتها تحمل طافة كبيرة يصعب التحكم بها, ولذلك و بغياب وعي اجتماعي اختلط استعمال تلك القوة بين الحق و الباطل و ازداد تأثر قوة الرجل كأداة قمع و تحكم في المرأة.
لكن المجتمعات عادة تنمو بنواح مختلفة, و كما قلنا في بداية المقال, فان صدى الثورات الاجتماعية بالغرب يرن بمجتمعاتنا اليوم. تلك الثورات ابضا ترسخت في التطور التكنولوجي الذي ساعد في تسريبها ايضا الى مجتمعاتنا.
اليوم نحن أمام صورة للرجل الشرقي تحمل قيم من القوة و العنف و السطوة و الغيرة و التفوق الذكوري تتعارض مع تطور المجتمع على الارض و تشكل عراقيل و معضلات يومية بدأت تملأ صفحات نشرات أخبارنا في الصحف الالكترونية و المطبوعة. المجتمع اليوم في صراع جندري عنيف بين مفهوم لرجل شرقي يحاول الدفاع عن هويته و عبق حريات بدأت تشعر بها المرأة في الشرق تؤسس لانتفاضتها.
المطلوب هو قتل الرجل الشرقي و اعادة تعريفه!
مقال واقعي و جميل جدا و المطلوب وعي أكبر بأهمية تشارك المرأة و الرجل في بناء النهضة و بأنها ليست حرب تنافسية بينهما
LikeLike
عزيزي الكاتب……………..
دعني اخالفك الرأي في بعض النقاط التي اسلفت ذكرها اعلاه
في البدية, و من وجهة نظري المتواضعة, أكاد اجزم بانه لغلط كبير أن تستخدم مصطلحات ك الانظمة الاستعمارية و حركات التحرر و الحرب مع اسرائيل و تقرنها بتعريف الرجولة.
فالمراة و بلا ادنى شك كان لها الدور الكبير في جميع هذه الحركات, دور ان لم نقل فاق دور الرجل, كان على حد سواء مع دور الرجل و لنا في المناضلة ليلى خالد أكبر مثال .
فالمراة لا و لم و لن تتنازل عن هذا الدور المحوري
لذالك………. اعتقد ان ما قمت بوصفه لا يتعدى كونه الشماعة التي يعلق عليها الرجال” الوهميون ” أخطائهم أو فشاهم ان صح التعبير
أما فيما يخص التطور الغربي و التمايز الغربي الشرقي……….فأتوقع أن التغيير يجب ان يكون بدوافع ذاتية و بأهداف واضحة و محددة, لا من اجل التمايز بين الامم, فكما استشهدت بالربيغ العربي بين السطور…… فالنموذج التونسي غير صالح للتطبيق في سوريا جملة و تفصيلا, فلكل مجتمع خصوصياته و مداخله التي لا يجب ان نغفلعا.
فالمحصلة, الحل ليس كامنا في قتل الرجل الشرقي…….. بل في اعادة احياؤه
شكرا للمجهود الطيب
LikeLike
مرحبا قيس, شكرا على رأيك, احترم اختلافك.. انا معك بأن المرأة كان لها دور كبير في هذه الحركات, و لكن كثقافة مجتمعية نما ارتباط صفة القوة و عظمت بالرجل و ليس المرأة.
اعتقد انني فشلت في المقال في كتابة ما كان يدور بخاطري. اردت ان احدد الصفات السيئة في تعريف الرجل الشرقي الحالي و ادعو الى قتلها و ربط الرجل عندنا بصفات اكثر صحية.
LikeLike
العفو……….. الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية صديقي
, على الرغم من عدم معرفتي بك…….. و لكن اؤيدك الرأي انه كان بالامكان افضل بكثيير مما كان, اتوقع انه بمقدورك الصياغة بطريقة افضلز
شكرا, بانتظار المقال المعدل
LikeLike
فادي حتى في المجتمعات الغربية و الاوروبية و التي تتواجد بها حرية جنسية كبيرة
نظرة الرجل للمراة لا يزال يتواجد بها النظرة الفوقية بانه هو حر بالمطلق في حياته الجنسية و هي ليست كذلك .. على سبيل المثال الالفاظ عن ان المراة ساقطة تطلق على الكثير من النساء اللواتي تكثرن المواعدة و لا تطلق على الرجل بل يمدح الرجل لكثرة مواعدته و يفتخر كذلك بازدهار حياته الجنسية و بكثرة النساء فيها … أيضا عندما يبدأ رجل بمواعدة امراة في الغرب ..يسالها عن عدد الرجال الذين مارست الجنس معهم و لا يعجب الرجل ان كات العدد مرتفع ( لا اعلم تحديدا ما هو العدد المثالي و لكن اعلم ان اغلب النساء يكذبن و لا يفصحن عنه)
في كثير من الاحيان تخاف المراة من ان الرجل لديه عقلية الحكم عليها و على اخلاقها و على احترامها لجسدها … شئنا ام ابينا هذا الفكر موجود في كل الدنيا و سيبقى موجود على الرغم من اختلاف الثقافات والعادات التي اما تجعل من هذا الفكر متطرفا ام معقولا و لا اعلم هل هذا لان هذه طبيعة الرجل ام لاننا نخضع لهذه الثقافة منذ الازل و لكن اشك في ان جزء منها له علاقة بطبيعة التكوين النفسي و العقلي للرجل !!…. لذلك برغم من كل مساوئ المجتمع الشرقي و نظرته للمراة احيانا احس انه منع الزنا هو بالاساس لحمايه المراة و حماية حقها … طبيعة الرجل تجعل من السهل عليه و من المحبذ عند البعض ان يمارس الجنس و يرحل و هذا ليس سهل على المراة .. تعاني من هذا كثيرا النساء في الغرب .. اذ لا تشعر بانها انسانة بل قطعة من اللحم ليس اكثر … و تزداد المشكلة عندما يتكرر هذا الموضوع الى ان تجد من يحبها و يرضيها كقلب و قالب إن وجد
النظام الغربي الموجود حاليا ليس الحل الامثل و لا يعطي المراة كافة حريتها و لا حقوقها بل له مساوئه و حسناته كاي من الانظمة الاخرىمثل مجتمعنا على سبيل المثال …. ما هو الحل المثل للعلاقات الانسانية .. لا اعلم
اما عن مفهومنا عن الجل … ليس تماما كما ذكرت فادي … دقق و تعمق اكثر في تعرفنا للرجولة و الجل .. ستجد اننا سطحين جداااااا في هذا النطاق و لا نصل الى ما ذكرته من تعمق .. اظن لو ان تعريفنا للرجل كما ذكرت كان حالنا احسن !!
مواضيعك دايما ما تثير لدي التساؤلات و تدفعني للتفكير و بعمق .
LikeLike
شكرا لين على مداخلتك.. معك حق في بعض الطرح هنا, فالمساواة بين الجنسين لم تتحقق بشكل كامل بعد في الغرب.. كما أن هنالك اختلافات عديدة بين الدول الغربية في مقدار تحقيق المساواة الجنسية و تمكين المرأة. أنا أعترض قليلا على ادعاء الطبيعة البيولوجية, فلربما كان ذلك مؤثرا في مرحلة ما من تطور المجتمعات الانسانية, و لكنه اليوم لم يعد كما كان ما تطور المدنية و دخول التكنولوجيا الى حياتنا اليومية؟
أنا اعتقد ان تعريفنا للرجل الشرقي هو التعريف العام للرجل في العالم قبل ١٠٠ عام حين كانت المرأة ترزخ تحت عبودية شديدة. المجتمعات الغربية تعرضت لثورات اجتماعية ادت لتقديس الحريات الفردية و تحرر المرأة بقدر جيد من قيود العبودية.
في المقال اردت أن اذكر بعض الصفات التي تشوه صورة الرجل في وعينا الاجتماعي لكني فشلت.. اذكر من تلك الصفات العنف, السيطرة و التحكم, كبت المشاعر و عدم اظهارها, التخلي عن القيم الجمالية, فرض الراي بالقوة, الغيرة,… الخ
المرأة في الغرب و ان كانت ما زالت تعاني من التمييز و الحكم الأخلاقي, الا انها حققت الكثير و ما زالت تسبق المرأة العربي بأشواط…
LikeLike